نحاول اليوم تجميع وتحليل المعطيات التي توصّلنا إليها عن طرق أسبار عام ٢٠٠٤ بهدف دراسة تطوّر سور دمشق عبر العصور. كافّة المعلومات أدناه مقتبسة ومختزلة عن الأستاذ يامن دبّور والحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة.
المخطّط الأوّل الملحق مقطع شاقولي جانبي في سور المدينة الجنوبي الروماني (اللون الزهري) والإسلامي (اللون الأزرق) والمخطّط الثاني مقطع أفقي في نفس البنية وكما نرى من المخطّطين السور الروماني الأصلي خارجي أضيف إليه من الداخل أي من جهة الشمال سور إسلاميّ فيما بعد.
لا يزال السور الروماني محفوظاً إلى ارتفاع يتراوح بين المدماك والثلاثة مداميك حسب الموقع أمّا عن سماكته فقد بلغت ٢٤٠-٢٥٠ عشير المتر. حجارة السور كلسيّة مشذّبة وشكله هرميّ بفرق ٣-٥ من عشيرات المتر بين المدماك والمدماك الذي يعلوه. بني السور الروماني بين القرن الأوّل والقرن الثالث للميلاد ولا يوجد ما يشير إلى تعديلات تستحقّ الذكر طرأت عليه خلال العهد البيزنطي أو الأموي.
هدم عبد الله بن علي (عمّ أبي العبّاس السفّاح) سور المدينة عندما استباحها أجلافه في منتصف القرن الثامن للميلاد ومن المنطقي أنّه رمّم مرّة أو مرّات بعد هذا التاريخ ولكنّنا لا نملك أدلّة ملموسة على ذلك.
بالمقابل هناك إشارات إلى ترميم طرأ على السور في العهد السلجوقي الذي يعتبر بناء القلعة أهمّ إنجازاته العماريّة أمّا عن العهدين النوري والأيّوبي فلدينا براهين لا تقبل الدحض من الكتابات والنقوش التاريخيّة عن تعديلات وتحسينات هامّة تمثّلت في إضافة أبراج دفاعيّة لا يزال بعضها قائماً (برج الصالح أيّوب في الشمال والشرق وبرج نور الدين في الجنوب والغرب) كما جرى تعريض السور من جهة المدينة ببناء جدار رديف للسور الروماني (المعظّم عيسى) ممّا زاد سماكته إلى أربعة أمتار ونصف المتر.
إذاً وصل السور إلى أقصى درجات تطوّره ومناعته مع نهاية العهد الأيّوبي واقتصرت إنجازات المماليك على ترميمه كلّما دعت الضرورة كما تدلّ النقوش الكتابيّة التاريخيّة في أعلى الأبراج وأبواب المدينة. ما ينطبق على السور ينطبق على القلعة.
تناقصت أهميّة السور الدفاعيّة شيئاً فشيئاً تحت العثمانييّن وزالت معظم الأبراج بين الباب الشرقي وباب كيسان في النصف الأوّل من القرن العشرين ولكن لحسن الحظّ كان هذا بعد اختراع التصوير الضوئي الذي وثّقها لنا اعتباراً من منتصف القرن التاسع عشر.
يامن دبّور. أضواء على الجهة الجنوبيّة من سور مدينة دمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة العددان ٥١-٥٢ للعامين ٢٠٠٨-٢٠٠٩.
No comments:
Post a Comment