Friday, April 23, 2021

دار الفقراء‎

 


اعتقدت للوهلة الأولى أنّ ما قصده المستشرق الألماني Ernst Herzfeld تحت هذا العنوان هو قصر الفقراء الذي روي أنّ نور الدين زنكي بناه في الربوة لمتعة المحتاجين - ولو إلى حين - على غرار الموسرين وقال فيه الشاعر تاج الدين الكندي (عن أبي البقاء البدري ونزهة الأنام في محاسن الشام) النظم الآتي:


إنّ نور الدين لمّا رأى            في البساتين قصور الأغنياء

عمّر الربوة قصراً شاهقاً        نزهةً مطلقةً للفقراء


بمتابعة القراءة تبيّن لي أنّ "دار الفقراء" في عرف Herzfeld ما هي إلّا الخانقاه السميساطيّة أمّا عن الرسم الملحق فيعود إلى عام ١٩١٤ عندما قرأ العالم المذكور على ساكف الباب نقشاً كتابيّاً بالكوفيّة طوله ١٣٠  عشير المتر وارتفاعه ٢٠ عشير المتر يتوزّع على سطرين نصّه كما يلي:


بسم الله الرحمن الرحيم هذه الدار السفل (*) وقف

على الفقراء المجرّدين من الصوفيّة أثاب الله من وقفها


(*) يخبرنا النعيمي أنّ الطابق الأرضي للبناء خصّص للصوفيّة أمّا العلوي فأوقف على جامع بني أميّة الكبير. 


أسبقيّة قراءة وتوثيق هذا النصّ تعود إلى السويسري Max van Berchem عام ١٨٩٣. عاد Herzfeld إلى الموقع عام ١٩٣٠ ليصوّر الكتابة ولكنّه فشل في العثور عليها إذ أعيد بناء المنطقة خارج البوّابة الشماليّة (باب النطفانييّن) للجامع الأموي بالكامل بين الزمنين وذهب النصّ التاريخي ضحيّة هذه العمليّة.   


ينتمي هذا الباب للخانقاه السميساطيّة نسبة لأبي القاسم بن محمّد بن يحيى السلمي السميساطي (من سميساط أو Samosate في آسيا الصغرى وسيرته مذكورة في الدارس للنعيمي) وهو مهندس وفلكي وأحد رؤساء دمشق (وفيّات ٤٥٣ الموافق ١٠٦١ للميلاد) أمّا عن الوقف فيعود لعام ٤٥٠ (١٠٥٨ م). تذكر المصادر التاريخيّة العربيّة أنّ البناء كان أصلاً دار الخليفة عمر بن عبد العزيز قبل أن يحوّله السميساطي إلى خانقاه للصوفيّة. 


وصل باب بين الخانقاه وبين الرواق الشمالي للجامع الأموي في عهد السلجوقي تتش (أخو ملكشاه). 






Ernst Herzfeld. Damascus, Studies in Architecture. Ars Islamica 1943


Dominique Sourdel & Janine Sourdel Thomine. Dossiers pour un corpus des inscriptions arabes de Damas

No comments:

Post a Comment