Saturday, April 3, 2021

وجهة نظر في الفنّ المملوكي

 


أخذت الصورة الملحقة لواجهة ومئذنة المدرسة السيبائيّة عن Herzfeld وهي تعود للفترة بين ١٩٠٨ و ١٩١٤ على وجهه التقريب. المخطّط والتحليل الملحق عن Sauvaget في مقال نشر عام ١٩٣٤ (الرابط أدناه).

بنيت هذه المدرسة - المعروفة أيضاً تحت تسمية جامع الخرّاطين - بين نيسان ١٥٠٩ وشباط ١٥١٥ ممّا يجعلها نموذجاً للفنّ المملوكي في نهاية هذا العهد الذي تجاوز ٢٥٠ سنة. 

يفسّر الفنّ السوري في عصر المماليك من ألفه إلى يائه من خلال مصر والسبب يعود إلى تعزيز مركزيّة الدولة والدور القيادي الذي لعبته القاهرة التي استقطبت المواهب وتجمّعت فيها الثروات.

استأثر العسكر الأجلاف من الأتراك أو الشركس بالحكم وكان همّهم الوحيد الاستمتاع بالثروات التي جمعوها عن طريق النهب وتجلّى ذلك في عمائرهم الباذخة التي تغلّبت فيها الرغبة في التباهي على الذوق الفنّي. شمل الانحطاط أيضاً النواحي الفكريّة وترجم هذا إلى الاقتصار على جمع وشرح النصوص القديمة والتعليق عليها.

سار الفنّ على نفس النهج وكرّر المعماريّون والمزخرفون النماذج القديمة إلى ما لا نهاية مع تعديل شكلها دون تجديد روحها وتلخّص دور البنّائين في رفع عمائر الهدف منها إرضاء نزعة محدثيّ النعم في المفاخرة والادّعاء. تركّز الجهد على الواجهات الخارجيّة على حساب المخطّط المنطقي (كما في حال السيبائيّة) وأصبح دور الآبدة دعم الزخرفة عوضاّ عن اعتماد ما هو عملي ومناسب. 




تجلّت هذه المظاهر خصوصاً في دمشق والسبب ضعف التقاليد المعماريّة الموروثة (مقارنة مع حلب). تبعت أوائل العمائر المملوكيّة النماذج الأيّوبيّة وبالتالي نجد بينها بعض الأعمال الأصيلة ثمّ بدأت أعراض الانحطاط مع بداية القرن الرابع عشر ومنها:

- العودة من الحجر إلى عناصر البناء التقليديّة من الخشب والآجرّ وبعضها من نوعيّة رديئة للغاية.

- التضحية بانسجام وتناسب عناصر المبنى في سبيل المظاهر الخارجيّة.

- التركيز على الواجهة وبوّابات المدخل المقرنصة والإفراط في استعمال الدلّايات بينما تدهورت القبوة - التي يفترض كونها العنصر الأساسي في البوّابة - إلى مجرّد قوقعة صغيرة سطحيّة. 

-غزا الأبلق الواجهة بكاملها وظهرت عليه عناصر زخرفيّة جديدة من الشرائط الكتابيّة بالخطّ العربي الجميل. عزّز الحرفيّون غنى البناء بترصيعات من الرخام المتعدّد الألوان ولكن مع نهاية العهد المملوكي استعيض عن الترصيع بالحجر بحشوات جصيّة ملوّنة. 

- دخلت الألوان من الواجهة إلى البناء حيث كسيت الجدران بالرخام في نماذج هندسيّة بالغة التعقيد واستعيض بهذه الكسوة السهلة التنفيذ عن الزخارف المنحوتة.      
 
- تخلّى البنّاؤون عن القبوة التي حلّت محلّها الأسقف. دهنت هذه الأسقف مع مصاريع الابواب بألوان فاقعة.

- أضيفت النوافذ الزجاجيّة والقاشاني وصفائح الشبه ذات النقوش الغائرة أو البارزة لزيادة بهرجة الأوابد إلى درجة الإفراط والابتذال. 








No comments:

Post a Comment