Saturday, October 23, 2021

المدرسة الماردانيّة ‎‎

 


حالف الحظّ هذه المدرسة الأيّوبيّة التي لا تزال إلى اليوم موجودة على ضفّة ثورا في الجسر الأبيض بين الأبنية الحديثة بينما اندثر عدد من جاراتها كالمدرسة الإسعرديّة وحمّام عبد الباسط وغيرها إلى غر رجعة.


تنسب هذه المدرسة الحنفيّة إلى أميرة أرتقيّة اسمها عزيزة الدين أخشا خاتون بنت الملك قطب الدين صاحب ماردين (ومنه تسمية الماردانيّة). تزوّجت هذه الأميرة الملك الأيّوبي المعظّم عيسى ابن الملك العادل أبي بكر وبدأت في بناء مدرستها عام ١٢١٣ للميلاد. أنجزت المدرسة وجعلت وقفاً عام  ١٢٢٦-١٢٢٧ ييد أنّ واقفتها غادرت دمشق إلى غير عودة بعد موت بعلها في تشرين الثاني ١٢٢٧ وبالنتيجة وافتها المنيّة في مكّة التي ضمّت رفاتها. يفسّر هذا عدم احتواء المدرسة على نقوش كتابيّة تأسيسيّة وبقاء الأطر المخصّصة لهذه الكتابات فارغة. 


ظلّت التربة خاوية إلى أن لفتت انتباه أمير مملوكي يدعى سيف الدين أسنك بن أزدمر الذي أعجب بالموقع والمدرسة وانتهى به المطاف إلى أن يدفن فيها عام ١٤١٣-١٤١٤ للميلاد. أجريت تعديلان على المدرسة في العهد المملوكي بإضافة مئذنة وتحويل البناء إلى جامع (تحفّظ عبد الرزّاق معاذ على استنتاجات Sauvaget في هذا الخصوص كما سنرى).   


إذاً ليس بإمكاننا تحديد هويّة البناء في غياب نصّ أو نصوص الوقف ويكمن حلّ المعضلة في استقراء المصادر التاريخيّة (ابن شدّاد و Sauvaire عن العلموي مثلاً)  التي تذكر دون لبس المدرسة الماردانيّة في هذا الموقع الذي لا يوجد فيه أوابد أيّوبيّة غيرها كما تعدّد المعالم الدارسة المجاورة لها. 


كتب عدد من العلماء الأجانب والمحلييّن عن هذه المدرسة بداية من المستشرقين الألمان Wulzinger & Watzinger و Herzfeld وعلّ دراسة الفرنسي Sauvaget عام ١٩٤٨ هي الأفضل ومنها أخذت الصورة الملحقة. للماردانيّة ذكر مختصر في خطط دمشق لصلاح الدين المنجّد وآخر أكثر تفصيلاً في العلبي.   


وصف Sauvaget حالة المدرسة عندما عاينها في أواخر النصف الأوّل من القرن العشرين بأنّها "مرضية بشكل استثنائي" exceptionnellement satisfaisant رغم أنّ البيوت السكنيّة غزت واجهتها الشماليّة أضف إلى ذلك الحوانيت التي بنيت لاحقاً فأخفت واجهتها القبليّة. مع الأسف الماردانيّة اليوم مطوّقة بمجموعة كئيبة من المشيّدات الجديدة المتنافرة ناهيك عن اختناق السير والضجيج والتلّوث وحالة نهر ثورا الجديرة بالرثاء. 


للحديث بقيّة.






الآثار الإسلاميّة في مدينة دمشق. تعريب قاسم طوير (ص ٢٣٨).


أكرم حسن العلبي. خطط دمشق (ص ٢١٤)


صلاح الدين المنجّد. خطط دمشق (ص ٨٠) 







Gérard Degeorge: Damas des Origines aux Mamluks, l'Harmattan 1997 (p. 230).

Ernst Herzfeld. Damascus, Studies in Architecture III. Ars Islamica 1946 (p. 19)

Abd al-Razzaq Moaz. Les madrasas de Damas et d’al-Ṣaliḥiya depuis la fin du V/XIe siècle jusqu’au milieu du V/XIIIe siècle. Université de Provence 1990 (p. 281-287). 

Jean Sauvaget. Les monuments Ayyoubides de Damas, livraison III 

Henri Sauvaire. Description de Damas

Karl Wulzinger & Carl Watzinger. Damaskus, die Islamische Stadt. Walter de Gruyter 1924. 

Madrasa al-Māridānīya: le plan

Madrasa al-Māridānīya: identification et date

No comments:

Post a Comment