Saturday, March 19, 2022

زخرفة البيوت الطينيّة


ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان


بدأت بتعريب كتاب الجغرافي الفرنسي Richard Thoumin عن البيت السوري اعتباراً من الرابع من كانون الثاني للعام الحالي. لم ألتزم بالترجمة الحرفيّة وبالأحرى توخّيت نقل أفكاره بأمانة مع التوسّع في بعض المواضع مستنداً بالدرجة الأولى إلى كتابه عن سوريّا المركزيّة وبعض من مقالاته المنشورة هنا وهناك. كافّة الصور والرسوم والخرائط عن نفس المؤلّف ما لم يذكر العكس. 


تعرّضنا حتّى الآن إلى تقنيّة ومواد بناء البيت السوري وتخطيطه وبقي علينا دراسة زخارفه. الكلام دوماً من الناحية التاريخيّة وللتذكرة نشر الكتاب عام ١٩٣٢.


يسعى أهل البيت الريفي مهما كان بسيطاً إلى تجميله وإدخال البهجة عليه بدايةً من شهر نيسان أو أيّار - أي بعد نهاية فصل الأمطار - عندما تقوم النساء بتنظيفه وطلاء جدرانه بالكلسة. أحياناً تتعدّد الألوان كما نرى في جرمانا حيث تؤطّر المرأة الأبواب بشريط أحمر داكن. من القرى ما يكلّس الجدران حتّى ارتفاع معيّن - مترين ونصف إلى ثلاثة أمتار - كما في المرج وخصوصاً في الغزلانيّة أمّا فوق هذا المستوى فترسم أشكال مثلّثة فاقعة اللون على خلفيّة بنيّة أقرب إلى الاصفرار. تتجلّى الزخرفة أحياناً بعناصر متكرّرة من اللبن تضاف فوق الحائط كما في الصورة الملحقة من القاسميّة التي نرى فيها على يسار الناظر مدفأةً في سماكة الجدار وفي المنتصف الباب المعمول من خشب حصّادة.


تتجلّى الزخارف خصوصاً داخل البيت وأحياناً لا تتعدّى محاولاتٍ خرقاء ونماذج ساذجة لنباتات وأشكال هندسيّة تتجنّب استعمال الخطوط المنحنية. مع ذلك لا نعدم بعض التركيبات الناجحة كما في المحاريب المشغولة من الطين حيث تعرض الآنية المبيّضة لتعطي اطباعاً لا بأس به أبداً من الناحية الجماليّة. 


تتعلّق معظم العناصر الزخرفيّة بضرورات الحياة المنزليّة ولا نرى أثاثاً يستحقّ الذكر إلّا في بيت شيخ القرية حيث يمكن العثور على بعض الكراسي الكسيحة أمّا مظاهر الترف  - على سبيل المثال الخزائن المزوّدة بمرايا  - فتقتصر حيازتها على الأعيان الذين يحرصون كلّ الحرص على الحفاظ على اللصيقة (إيتيكيت) التي تذكر المصنع الذي ابتكرها أو جمّع قطعها. لا تتعدّى ممتلكات الأسرة صندوقاً أو إثنين من الخشب المطعّم بالصدف إلى درجةٍ معيّنة أضف إليها حقائب متعدّدة الألوان ملمّعة ومزخرفة برسومٍ بارزة تلقّتها المرأة الشابّة هديّةً في عرسها أو أحد أعياد العائلة.  





Richard Lodoïs Thoumin. La maison syrienne dans la plaine hauranaise: le bassin du Baradā et sur les plateaux du Qalamūn. Paris, 1932. Librairie Ernest Leroux.

Richard Lodoïs Thoumin 1897-1972

Décoration en terre




  

No comments:

Post a Comment