تتبع هذه القصور النموذج الذي رأيناه في الدور الميسورة مع فارق المساحة والبذخ كما نرى في قصر العظم ومكتب عنبر وبيوت شاميّة وفارحي والمجلّد وخزنة كاتبي - نظام وكثير غيرها من المنازل التي تعكس غنى وذوق أصحابها متجاوزةً بذلك الشروط التي حدّدها الإطار البيئي والمحيط العمراني.
تتلخّص الملامح الرئيسة لهذه البيوت بالصحن المركزي الذي تتوسّطه بحرة ويتوزّع حوله من الشمال والجنوب مجموعتان رئيستان من الأبنية المكوّنة من طابق أرضي وآخر علوي. نرى في الجانب القبلي الإيوان الذي ينصّف مجموعة الأبنية الجنوبيّة ويبلغ ارتفاعه ارتفاع طابقين. تتميّز واجهات هذه البيوت المطلّة على الصحن بالفخامة سواءً من ناحية مواد البناء أو إتقان التنفيذ. بالمقابل الواجهات - إذا جازت هذه التسمية - المطلّة على الأزقّة في غاية التواضع مع بعض الاستثناءات النادرة.
عنون Thoumin المخطّط الملحق "دمشق: بيت عائلة غنيّة" دون تحديد هويّة البيت. يوحي الشكل القريب من المربّع بأنّ الدار بنيت في حيّ باب توما بعد مأساة ١٨٦٠ التي أجهزت على النسيج العمراني الأصلي (بالتالي أمكن اتّباع أشكل أكثر انتظاماً في الأبنية الجديدة) وبالفعل هناك تشابه كبير - وقطعاًُ ليس تطابقاً - بينه وبين بيت متري أفندي شلهوب. يحسن هنا التذكير أنّ أشكال الغالبيّة العظمى من دور دمشق حتّى أكثرها ثراءً لا تتبع قاعدة هندسيّة معيّنة بل شيّدت حسب الفضاء المتوافر منها ما بني على أنقاض عدّة بيوت (بيت يوسف أفندي عنبر) ومنها ما جمعت فيه عدّة بيوت (بيت حاييم فارحي - المعلّم). هناك استثناءات قليلة لهذه القاعدة كما في بيت فارحي - الدحداح بيد أنّ هذا الأخير أقرب إلى المستطيل منه إلى المربّع في مخطّط الجغرافي الفرنسي المرفق.
البيت السوري بين الريف والمدينة
Richard Lodoïs Thoumin. La maison syrienne dans la plaine hauranaise: le bassin du Baradā et sur les plateaux du Qalamūn. Paris, 1932. Librairie Ernest Leroux.
Richard Lodoïs Thoumin 1897-1972
Maison syrienne: plans réguliers
No comments:
Post a Comment