Sunday, May 15, 2022

ظهور المئذنة

 


عنون الألماني Kiesling الصورة الملحقة "مئذنة قرية في إقليم دمشق". حاول المؤلّف رسم الخطوط العريضة لتطوّر المآذن كما يلي:


لربّما كان من المفيد أن نستعرض بسرعة تاريخ تطوّر المئذنة الشرقيّة. الهدف من وراء هذه البنية المعماريّة مزدوج:


- أوّلاً: مع ظهور دور العبادة والانتظام الذي يميّز الطقوس المحمّديّة أصبح من الضروري رفع مشيّدات بمثابة منبر يدعو منه رجال الدين المؤمنين إلى الصلاة وهكذا نصبت مآذن القرى الخشبيّة الصغيرة على أسقف بواكير المساجد ومن الممكن إلى اليوم (كتب المؤلّف عام ١٩١٩) معاينة هذه المآذن في جميع قرى المحمّدييّن. يحيط سياج مسدّس أو مثمّن مصطبةً ترفع أعمدة خشبيّة في زواياها. يرتكز سقف خشبيّ مسطّح أو ضعيف الميلان على هذه الأعمدة يشبه المصطبة تحته ولكنّه يبرز فوقها بشكل مظلّة يعلوها هرم سمّرت ألواحه الخشبيّة معاً. يتّوج هذا الهرم هلال أو كرة في المركز. بإمكان المؤذّن أن يرى المنطقة المحيطة بأكملها واقفاً على المصطبة المذكورة ومنها يستطيع إيصال صوته إلى أبعد زوايا القرية بالصياح مع إحاطة فمه بيديه ليشكّل ما يشبه البوق أو الجرس. 


ثانياً: بعد أن سيطر الإسلام على المزيد والمزيد من المجتمعات أصبح من الضروري إظهار دور العبادة للعالم الخارجي وأي طريقة أفضل لتحقيق هذا الهدف من مآذن أشبه بالأبراج تشمخ فوق محيطها ليراها القاصي والداني؟ أضف إلى ذلك جاذبيّة هذا الأسلوب لمن يروم الزخرفة ويهتمّ بالاعتبارات الجماليّة. 


عثر العرب على نماذج يحتذى بها لمآذنهم في أرجاء الأراضي التي فتحوها كما في أبراج كنائس حوران والبقاع والمدن البيزنطيّة الكبيرة في الشرق الأدنى أمّا إذا اتّجهنا إلى الشرق فهناك أبراج بابل وآشور المدرّجة وما شاكلها في الدور الساسانيّة الكبيرة التي كانت بقاياها لا تزال موجودةً على ضفاف الفرات ودجلة عندما حطّم المسلمون الإمبراطوريّة الفارسيّة.







دمشق عام ١٩١٩


روّاد دمشق الألمان


رواق مدخل معبد المشتري الغربي وتربة صلاح الدين 


النوفرة والجامع الأموي






Hans von KieslingDamaskus, altes und neues aus Syrien


No comments:

Post a Comment