Friday, May 27, 2022

ثمار وفواكه ومرطّبات دمشق

 


نتابع جولتنا في دمشق أواخر العقد الثاني للقرن العشرين مع الألماني Kiesling: 


أزهر المشمش في دمشق. ليست ثمرته بالكبيرة ولكنّها حلوة الطعم نديّة المذاق. البساتين متعة للناظرين بصفوف الأشجار التي تنوء تحت فواكهها الصفراء المتلألئة خلال الأوراق القاتمة اللون. 


يحوّل الأهلون هذا المحصول الوافر إلى جلد المشمش (قمر الدين) وهي طريقة في منتهى البساطة لحفظ الفاكهة. المشمش من صادرات دمشق الهامّة بعد أن يكدّس في قطع كبيرة حمراء إلى بنيّة أشبه بالجلد قابلة للطيّ كالورق. يحمّل هذا الناتج على ظهور الحمير وعادةً تركب فلّاحة ممتلئة الصدر ملتفّة بثيابها القطنيّة الزاهية الألوان الأتان وكأنّها جالسة على عرش ترخي منه ساقيها إلى جانب مطيتها.  


تتلخّص عمليّة صنع جلد المشمش في نزع نوى الفاكهة وهرسها في أحواض حجريّة كبيرة. تنشر العجينة الناتجة على ألواح خشبيّة وتجفّف تحت أشعّة الشمس. تنقل الألواح من مزرعة إلى مزرعة على متون الجمال وهكذا يستطيع كل قروي أن يحوّل فاكهة المشمش إلى رقائق. يمكن أيضاً مزج جلد المشمش هذا في الماء وغليه وإضافة السكّر إليه للحصول على مربّى منعش سائغ النكهة أمّا البذور فمنها ما يؤكل ومنها ما يصنع منه الزيت. 


ينضج الجوز بعد المشمش بقليل وتعتبر أشجاره البديعة رمزاً لدمشق. تحمل الكروم العنب وتتسلّق الورود المتفتّحة بينها. قريباً يأتي دور البندورة الحمراء والخيار المزرقّ ليملأ سلال الباعة. يظهر الشمّام لدى نفاد البرتقال ومن ثمّ نرى في السوق الإجاص والتفّاح من جبال لبنان الشرقيّة. 


يحفظ العنب بطريقة تماثل أسلوب حفظ المشمش ومنه يصنع الدبس اللزج الذي يضيف إلى لذائذ وجبة الفطور.     


نصادف العديد من الباعة الجوّالين في أسواق دمشق. منهم من يبيع الخبز المحلّى ومنهم الخضار والبرتقال. بائع الليموناضة ينادي العطاش ويدعوهم لتذوّق بضاعته مستعيناً بقرع الطاسات. هذا البائع من أكثر شخصيّات الشارع أصالةً يعلّق أمامه على كتفه مدلّاة من حزام جلديّ آنيةً معدنيّةً كبيرةً ضيّقة العنق كالقنّينة كثيراً ما تزيّنها زخارف محفورة جميلة. 


هناك أيضاً شراب العرقسوس من النبات الذي يحمل نفس الإسم في المنطقة ونجده أيضاً بوفرةٍ في حوض الفرات. لهذا الشراب مكانة خاصّة في دمشق.












Hans von Kiesling. Damaskus, altes und neues aus Syrien


No comments:

Post a Comment