Thursday, May 12, 2022

روّاد دمشق الألمان

 


الأسطر التالية مقتبسة ومختصرة عن كتاب دمشق لمؤلّفه الألماني Hans von Kiesling:


تعود أقدم عمائر دمشق التي قدّر لها البقاء إلى العهد الروماني الذي بني على أنقاض العصور التي سبقته. حدّدت المدينة القديمة الخطوط العامّة لدمشق الحديثة وتحلّقت حول ساحة مركزيّة فسيحة تهيمن عليها قبّة ومآذن الجامع الأموي في نفس المكان الذي شغله معبد المشتري الذي لا تزال بقايا أروقته المعمّدة ظاهرةً للعيان وإن تعذّر الوصول إليها دون المرور عبر الأزقّة الضيّقة والباحات القذرة. 


لا يمكن إنكار فضل جمال باشا الحاكم العامّ لبلاد الشام - اعتباراً من الفترة التي سبقت الحرب بقليل - على المدينة إذ تدخّل بمنتهى الحيويّة وبذل قصارى جهده لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وكان ذلك بمساعدة لجنة ألمانيّة فنيّة برئاسة المستشار الدكتور Wiegand مدير متاحف الدولة في برلين وأستاذ جامعة Tübingen الدكتور Watzinger والمحاضر الخاصّ في جامعة ميونيخ الدكتور Wulzinger. لم تقتصر مساهمة هؤلاء السادة على دراستهم المفصّلة لمدينة دمشق بمكوّناتها الحديثة والقديمة بل تعدّتها لتشمل تصحيح العديد من الأخطاء لإماطة اللثام عن مخطّط الحاضرة والسهر على كشف وترميم أوابدها والحفاظ عليها طالما تمكّنو من تجاوز العقبات الكأداء التي أقامها كسل الأهالي في وجههم. 


تحقّق في هذا الصدد الكثير تحت إدارة عدد من المهندسين السويسرييّن الذين عيّنهم جمال باشا لاحتواء وتلافي التدهور قدر الإمكان وهكذا بعثت الأبنية الرائعة التي شيّدت في عهد الإسلام الذهبي من بين الأنقاض واليوم نستطيع الوصول إلى ساحة المدينة forum (١) القديمة مروراً بالسوق الرئيس - الحميديّة (٢) - المسقوف بالزجاج والحديد.  


استطاعت اللجنة الفنيّة الألمانيّة المذكورة أعلاه أن تحدّد مخطّط السوق القديم والمعبد بالكامل انطلاقاً من بقاياهما ومن أهمّها المدخل الغربي ورواق الأعمدة البيزنطيّة الذي يليه حيث قام المهندس السويسري Hauck بالتنقيب خلال متاهات الأزقّة ليسلّط الأضواء على ما تطلق عليه أدلّة السفر خطأً اسم قوس النصر بينما هو في الواقع جزء من البوّابة الغربيّة (٣) المحاطة بسوق الكتب (٤). 



  

(١) ساحة المدينة forum الرومانيّة أو agora اليونانيّة أو رحبة خالد بن أسيد في العهد الإسلامي كانت شمال شرق دمشق داخل السور وليس حول المعبد. 

(٢) سوق الحميديّة بالطبع سابق لجمال باشا.   

(٣) بوّابة المعبد الخارجيّة بالطبع وليس باب البريد. 

(٤) المسكيّة.



دمشق عام ١٩١٩






Hans von KieslingDamaskus, altes und neues aus Syrien

No comments:

Post a Comment