الأسطر التالية مقتبسة عن الألماني Kiesling وكتاب دمشق (١٩١٩).
بذل جمال باشا قصارى جهده في إحياء فنون وحرف الشرق العربي القديم طيلة إقامته في بلاد الشام وواجه في سبيل هذا الهدف عقبات كأداء منها ما هو عائد إلى انقراض الأساليب القديمة ومنها ندرة الفنّانين الخلّاقين والمهنييّن.
افتتحت ورشة كبيرة في السليميّة (*) نفّذ فيها نحت النوافذ الجصيّة حسب النماذج القديمة ورصّعت هذه النوافذ بالزجاج الملوّن. لا ترقى هذه الأعمال إلى مستوى الإبداعات القديمة التي دمّرت برمّتها عمليّاً بفعل الزمن وغوائل الطبيعة وتجاوزات البشر. لا ريب أنّ هذه الخسارة تعود أيضاً إلى هشاشة المواد المستعملة.
ترأّس الأستاذ الألماني Stöckle بتفويض من جمال باشا مدرسةً في دمشق مهمّتها البحث في التقنيّات القديمة وتعليمها لعدد من الطلبة. شملت المواد قيد الدراسة المهن الشرقيّة اليدويّة بمختلف أشكالها بما فيها طلاء الخزف وصنع النوافذ الجصيّة وأشغال المعدن وحياكة الأقمشة. تحقّق الكثير بفضل هذه المنشأة التعليميّة ومن المأمول أن يستطيع بعض تلامذتها الوصول إلى الشأو الذي بلغته هذه الحرف في عصرها الذهبي ولربّما تمكّنوا من تلقين المهارات التي اكتسبوها للأجيال القادمة. هنا تكمن عظمة رؤيا جمال باشا ونشاطه وهنا يكمن أمل للمستقبل.
(**) المقصود المدرسة السليمانيّة أو التكيّة الصغرى الواقعة إلى الشرق من التكيّة السليمانيّة "الكبرى". أطلق عدد من المؤلّفين والمستشرقين على هذه المدرسة تسمية "السليميّة" إلى أن دحض الدكتور عبد القادر ريحاوي هذا الزعم في أكثر من مكان.
Hans von Kiesling. Damaskus, altes und neues aus Syrien
No comments:
Post a Comment