دفن الدمشقيّون أمواتهم على مدى القرون في مقبرة الباب الصغير (الصورة الملحقة) الواقعة على الطرف الشرقي لبداية طريق الميدان المتّجه من الشمال إلى الجنوب. هنا ترقد فاطمة بنت النبي (١) وهنا رفات معاوية أوّل خلفاء بني أميّة. تفصل حواجز معدنيّة مشغولة بإتقان قبور المشاهير والاتقياء عن محيطها أمّا سائر المقبرة فمكتظّة بالأضرحة المتلاصقة لولا دروب ضيّقة للمشاة بينها. القبور نفسها وشواهد الرخام العموديّة فوقها مع نقوشها الكتابييّة نظيفة وجميلة أمّا سائر المقبرة ففي حال يرثى لها بجدرانها الآيلة للتداعي وأنقاضها والقاذورات المرميّة من جوارها.
يتقبّل الشرقيّ الموت قضاءً محتوماً ولا يبذل الكثير من الجهد في الحفاظ على المدافن. مع ذلك هناك عادة حميدة في دمشق تتمثّل بزيارة قبر الفقيد أو الفقيدة عندما تأتي النساء يحملن باقات الأزهار وأكاليل الآس ليضعنها على الضريح الذي يجلسن حوله ساعاتٍ طويلة يتبادلن خلالها الأحاديث بصوت خافت. من المحزونين من ينصب خيمةً ملوّنةً قرب القبر ويمضي تحتها فترة بعد الظهيرة بكاملها منصتاً إلى ترتيل القرآن.
هناك مقبرة كبيرة وجميلة شمال المدينة (٢). تشدّ هذه المقبرة الانتباه بشواهد قبورها الممتدّة إلى ما لا نهاية وتحيط بها بساتين الزيتون التي نجدها أيضاً حول الترب والبيوت الريفيّة.
الوصف أعلاه عن Kiesling عام ١٩١٩.
(١) خطأ شائع. الضريح المذكور للسيّدة فاطمة السبطي وفيّات منتصف القرن الحادي عشر للميلاد خلال العهد الفاطمي.
(٢) الدحداح طبعاً.
No comments:
Post a Comment