Saturday, May 7, 2022

بيوت النصيرييّن

 


يذكّرنا مظهر المواقع النصيريّة بالقرى التي استقرّ أهلوها قديماً (يقصد المؤلّف بتعبير القرى "التي استقرّ سكّانها قديماً" vieux sédentaires محردة والسقيلبيّة وقلعة المضيق وشيزر كما رأينا). امتلك سكّان الجبال لدى وصولهم إلى الغاب تقنيّات أكثر تطوّراً ممّا عرفه البدو في حيالين أو جمّاسة. قطن المسيحيّون والنصيريّون دوراً تشبه ما نصادفه في جبال الأنصاريّة واستعملوا لبناء الجدران الحجارة والطوب الخام حسبما قدّمته الأرض لهم معتمدين في الداخل على أوتاد ثخينة من الخشب المشذّب إلى الحدّ الأدنى. يتفرّع الوتد في الأعلى إلى شعبتين تحملان قلنسوة كبيرة ترتكز عليها الجذوع المكوّنة لتخشيبة السطح (الصورة الأولى لداخل أحد بيوت الصارميّة). لا يختلف البيت الصيفي أبداً عن مثيله في القرى الفقيرة على الساحل العلوي (يقصد Thoumin الساحل السوري وللتذكير "العلوي" بالنسبة له تعبير سياسي المقصود به أي مواطن أو مواطنة في دولة العلوييّن وعاصمتها اللاذقيّة التي خلقها الانتداب الفرنسي بغضّ النظر عن الدين والمذهب). مهجع الأسرة كناية عن غرفة مكعّبة تتكّون حروف أضلاعها من سواري خشبيّة وتغطّى أوجهها ببسط من القصب طول ضلعها عادةً حوالي المترين (الصورة الثانية من تلّ سلحب حيث نرى نماذجاً للأكواخ فوق الأسطح التي ينام فيها الأهالي صيفاً) . تختلف هذه المساكن الضيّقة عن الأكواخ المشغولة من ورق الشجر في لبنان ومن الجدران الطينيّة الصغيرة التي نراها في الصيف فوق بعض أسقف قرى النقرة وبداية سفوح حرمون وعن الأسقف المائلة في التوينة وبيوت جمّاسة التي تماثل ما نصادفه في العمق وسهل عكّار.


تتلاشى هذه الخصائص كلّما ابتعدنا باتّجاه الشرق حيث نشاهد مؤثّرات سبقت الإشارة إليها. تلخّص قرية الصفصافيّة هذا النموذج إذ نرى تجمّعاً سكنيّاً في المنخفضات يعمل قاطنوه لحساب الملّاك المسيحييّن من أهل محردة. جميع سكّان الصفصافيّة مستقرّون ومع ذلك يطلق على بعضهم تسمية "العرب" وعلى البعض الآخر "الفلّاحين". تنتمي الفئة الأولى إلى بدو الموالي بيد أنّها مستقلّة بشكل شبه تامّ عن تكتّل العشيرة الأمّ أمّا الفئة الثانية (أي الفلّاحين) فهي من أسر استقرّت قديماً في هضبة حماة وانضمّ إليها لاحقاً بعض النصيرييّن. تجمع هذه القرية بين البيوت المسطّحة الأسقف من جهة وبين البيوت المتطاولة المسقوفة بالقصب من جهة ثانية مع ميزة أنّ جدران بيوت الصفصافيّة مبنيّة من الطوب (اللبن) الخام brique crue وأنّ مشيّداتها المشابهة لما نراه في الجلمة هي في الواقع اصطبلات ليس غير. يسكن جميع أهالي القرية بيوتهم في الشتاء أمّا في الصيف فيقوم البدو بنصب خيامهم قرب التجمّع العمراني بينما ينام الفلّاحون على أسطح دورهم .









علويّون ونصيريّون وأنصاريّون 


نصيريّة الجبال


تلّ سلحب


من الجبل إلى السهل








Richard Lodoïs Thoumin. Le Ghab. Revue de Géographie Alpine 1936 pp. 467- 538

Habitations nuṣayris

No comments:

Post a Comment