Sunday, May 8, 2022

نصيريّو الغاب

 


حلّ النصيريّون بالتدريج محلّ السكّان القدماء في جنوب الغاب وأسّسوا قرىً جديدةً شمال العشارنة إمّا على مواقع مأهولة سابقاً أو على تراكمات الطمي المتجمّعة وسط نباتات القصب. بني قسم من تلّ سلحب على السهل وقسم آخر على مرتفع صغير من صنع الإنسان جزئيّاً أو كلّيّاً. ازدهرت هذه القرية بسرعة وجذبت ظروف مماثلة النصيرييّن إلى عمّورين على ضفّة العاصي اليمنى بينما بنيت حورات على الضفّة المقابلة الأكثر ارتفاعاً وبالتالي الأقلّ تعرّضاً للفيضانات. إذا قطعنا مسافة ألف وخمسمائة متر باتّجاه الشمال والغرب نصل إلى تلّ السوس (؟ّ!) ونعاين أسقفها المشغولة من القصب. تغزو المياه هذا التجمّع كل شتاء عمليّاً وبالتالي يلجأ السكّان إمّا إلى تلّ كمبتري الصغير أو إلى القرى الصغيرة على بدايات سفوح جبال الأنصاريّة. استقرّ النصيريّون شمالاً في منطقة المستنقعات حيث عاشوا في ظروف مشابهة من كلّ النواحي لظروف البدو القدماء الذين استوطنوا في التوينة والكريم. بنى أهل شجر (؟) والخندق والبارد أكواخهم الفقيرة فوق آكام الطمي التي شكّلها العاصي على ضفّته الشماليّة. الرصيف والجيّد معزولتان تماماً بين النهر والقرى المسلمة الحويز والحواش والعمقيّة (سبق التنويه أنّ المؤلّف يعني بالمسلمة السنيّة حصراً) على تخوم المستنقعات الشرقيّة. لا يتجاوز عمر الرصيف والجيّد العشرين عاماً (للتذكير كتب Thoumin عام  ١٩٣٦)وحياة أهل هاتين القريتين أكثر مشقّةً وتواضعاً منها في حالة صيّادي الكريم. على ما يبدو كانت تجربة النصيرييّن في هذه المستوطنات مرضيةً رغم الصعاب التي واجهوها ومنه استمرارهم في هذه الحياة البرمائيّة وعزوفهم عن العودة إلى سفوح جبال الأنصاريّة. 


وصف جميع هذه القرى تكرار لا مبرّر له. عموماً لا بدّ لسكّان المستنقعات من بناء جدران بيوتهم من الطين وأسقفها من القصب بيد أنّ هناك سمة مميّزة للتجمّعات النصيريّة تطابق في جنوب الغاب ما نجده في الساحل إذ تمسّك بها النصيريّون الذين أتوا من الجبال واستوطنوا بين القصب. تتمثّل هذه السمة بالاستعاضة عن السقف المسطّح terrasse ببناء أكواخ مكعّبة الشكل فوق الأسقف. تتطلّب هذه الأكواخ  المزيد من العمل وترتكز على أربعة صواري خشبيّة غائرة في الأرض تثبّتها أحياناً دعامات إضافيّة contre-fiche. تقع أرض البيت المشغولة من الأغصان والجذوع أو القصب الذي يحلّ محلّها على ارتفاع يتراوح بين المتر ونصف المتر إلى المترين عن سطح الأرض ومنه لزوم سلّم لدخول المسكن. لدينا مقابل كل بيت طيني بيت صيفي هشّ أشبه بالعرزال المستعمل لمراقبة الكروم والمحاصيل حول واحة دمشق. نرى مثالاً على البيت الشتوي وآخر عن الصيفي في الصورة الملحقة من حورات منتصف ثلاثينات القرن العشرين.







علويّون ونصيريّون وأنصاريّون 


نصيريّة الجبال


تلّ سلحب


من الجبل إلى السهل


بيوت النصيرييّن







Richard Lodoïs Thoumin. Le Ghab. Revue de Géographie Alpine 1936 pp. 467- 538

Les Nuṣayris et le Ġāb

No comments:

Post a Comment