كان الغاب الجنوبي حكراً على المسيحييّن في بداية القرن التاسع عشر عندما اشترى العاملون قرب سفح الجبل أمنهم وسلامة مواشيهم وحبوبهم من جيرانهم المرهوبيّ الجانب بدفع خوّة وهكذا أصبحت الجليمة (؟) والصارميّة تابعة لدير شميل التي بنيت على خاصرة الجبل منذ حوالي خمسين عاماً (للتذكير كتب Thoumin عام ١٩٣٦) والتي سكنها المسيحيّون والنصيريّون الذين فرضوا إرادتهم عليهم. لم يبق مسيحيّ واحد الآن في دير شميل وكذلك الأمر فيما يتعلّق بالجليميّة (؟) التي أصبحت نصيريّةً بالكامل بعد أن هجرها مسيحيّوها إلى محردة. فقط الصارميّة لا تزال مسيحيّةً ولكنّها تذوي وتستنفذ نفسها شيئأً فشيئاً. نجحت سلطات الانتداب أخيراً عام ١٩٢١ بالقضاء على آخر تعدّيات العلوييّن (*) عندما نزحت إثنا عشرة أسرة مسيحيّة إلى السقيلبيّة ولم يبق في الصارميّة سوى عشرين عائلة ليس غير وعلى إثر ذلك أتى بعض النصيرييّن للاستقرار فيها.
تلخّص هذه القرى الثلاثة تاريخ استيطان الغاب الجنوبي من قبل النصيريّة ونرى تشابهاً بين حالتها وبين وضع القرى على حافّة هضبة حماة حيث تلتقي الأرض الكلسيّة مع السهل المنخفض وسفوح جبال الأنصاريّة: يقابل كل مسيحي خمسة نصيرييّن في عقيربة أمّا حنجور فهي نصيريّة بتمامها. يشكّل النصيريّون أيضاً معظم أهالي أصيلة وإن كان فيها حفنةً من العائلات المسلمة (**). الوضع مختلف في السهل حيث النصيريّة أقليّة وسط القرى المسلمة كعدة (؟) والصفصافيّة.
لا ريب أنّ مغادرة الجبل باتّجاه السهل أدّى إلى تحسّن نسبي في وضع النصيريّة المعيشي ولكن هذا أتى على حساب استقلالهم الذي يحرصون عليه كلّ الحرص دون أن يؤدّي إلى الرخاء المأمول. النصيريّون اليوم في أمان من العوز ويستطيعون الحصول على الضروريّات بيد أنّهم يعملون لحساب أغنياء حماة الذين امتدّت أملاكهم إلى الإقليم الذي عجز أهله عن سداد القروض التي رهنوا عقاراتهم للحصول عليها.
تعود الصورة المحقة عن Weulersse إلى منتصف أربعينات القرن العشرين وتظهر فيها قلعة صهيون.
(*) المؤلّف على الأرجح يشير إلى حركة الشيخ صالح العلي.
(**) المقصود السنيّة.
Richard Lodoïs Thoumin. Le Ghab. Revue de Géographie Alpine 1936 pp. 467- 538
Jacques Weulersse. Paysans de Syrie et du Proche-Orient (photo)
No comments:
Post a Comment