Sunday, May 29, 2022

من البيت الروماني إلى البيت الشامي

 


طرح المستشرق الألماني Kiesling عام ١٩١٩ فرضيّة مثيرة مفادها أنّ البيت الشامي التقليدي - أي المتمركز حول الصحن - ما هو إلّا استمرار للبيت الروماني الكلاسيكي مع بعض التطوير. 


تبنّي البيت الروماني كنموذج لم يقتصر على دمشق وبلاد الشام إذ نجده بشكل أو بآخر على امتداد حوض المتوسّط إن لم نقل المعمورة بأسرها.  ليس ذلك فحسب، انتشر هذا النموذج أيضاً إلى العالم الجديد (أمريكا الجنوبيّة خصوصاً) مع المستوطنين الأوروبييّن. 


مع ذلك أدّت اعتبارات دينيّة واقتصاديّة إلى تعديل النمط الروماني كما نرى في دمشق القديمة المسكونة منذ آلاف السنين. الأرض المتوافرة للبناء ضمن السور عزيزة المنال وبالتالي اضطرّ البنّاؤون - علاوة على تعديل شكل البيت المنتظم - إلى إضافة طابق ثانٍ وهكذا أصبح الأرضي مخصّصاً للحياة العامّة واستقبال الضيوف والعلوي حكراً على الأسرة. هذا عن البيت المتمركز حول صحن أوحد أمّا في دور الأثرياء فيمكن مصادفة أكثر من صحن: الجوّاني (الحرملك) للعائلة وهو عادةً - مع الغرف المتحلّقة حوله - الأكبر والأكثر بذخاً والبرّاني (السلاملك). نصادف في بعض الدور صحناً ثالثاً للخدمات والمنافع. 


البيت الشامي إذاً متوجّه إلى الداخل نحو الصحن الذي حلّ محلّ atrium في البيت الروماني مع فارق هامّ: مدخل البيت الروماني مباشر ومستقيم أمّا في الشام فلا بدّ من منعطف أو زاوية من باب البيت إلى الصحن الهدف منها حماية خصوصيّة أهل الدار وحجب النساء عن أعين الفضولييّن والمتلصّصين. 


قلّما تخرج المرأة الشاميّة من بيتها ويترجم هذا إلى رغبةٍ في إضفاء البهجة عليه إلى أقصى حدّ ممكن: بحرة بتدفّق منها الماء في وسط الباحة السماويّة بأزهارها ورياحينها وظلال أشجارها المثمرة. لهذه الواحة المنزليّة الصغيرة مكانة خاصّة في قلوب أهل هذه البلاد الشحيحة الأمطار.        


للصحن وظيفة أساسيّة تضاف إلى فوائده الجماليّة والروحيّة إذ يلعب دور الموزّع والمدخل إلى الغرف المنظّمة على محيطه والتي يمكن ولوجها بتسلّق درج صغير أو حتّى درجة واحدة. تفنّن معماريّو بعض البيوت الثريّة في مدخل القاعة فجعلوه أشبه بدهليز صغير تحفّه أعمدة رشيقة كما نرى في الصورة الملحقة الملتقطة في بيت الشيخ قطنة.




البيت الشامي وبيوت الشرق الأدنى





Hans von Kiesling. Damaskus, altes und neues aus Syrien


The Damascus House


From Rome to Damascus: Atrium and Courtyard


No comments:

Post a Comment