Thursday, May 5, 2022

تلّ سلحب

 


استمرّ النصيريّون إلى أمد قريب في تحدّي السلطات العثمانيّة كما فعل أسلافهم في الماضي بيد أنّهم أصبحوا أكثر حذراً في غزواتهم وشكّلت منحدرات الغاب الجنوبيّة والشرقيّة النهاية القصوى للحملات التي شنّوها من معاقلهم في جبال الأنصاريّة حسب الروايات المتداولة في قريتيّ محردة والسقيلبيّة المسيحيّتين. أحجم النصيريّون مؤخّراً عن الكرّ على هضبة حماة إلى ما وراء الساروت وبالمقابل تردّد أهالي القرى القديمة أكثر فأكثر في إطلاق النار على الغزاة. للغزوات مردودها ما في ذلك من شكّ بيد أنّها في نفس الوقت محفوفة بالمخاطر ومنه ظهرت نزعة جديدة لدى أهل الجبال تمثّلت في هجر أراضيهم الوعرة نهائيّاً للاستقرار في السهل. لا تزال ذكريات هذه الحقبة ماثلةً في تلّ سلحب وهي أقدم ما سكنه النصيريّون من قرى الغاب إذ يفترض - كما يقول الأعيان - أنّ الجبليّون هبطوا ليسكنوا فيها من سبعين إلى ثمانين عاماً على أقدم تقدير (أي في خمسينات أو ستّينات القرن التاسع عشر على اعتبار أنّ Thoumin كتب عام ١٩٣٦). 


ساعد استتباب الأمن النسبي في العهد الحميدي على تطوّر هذه الظاهرة إذ أمّ أهل الجبال العاصي بعد أن طردهم البؤس من مسقط رأسهم ولن نجانب الصواب إذا افترضنا وجود علاقة بين هذه الحركة البشريّة من جهة وازدهار تلّ سلحب من جهة ثانية. اتّبع زحف النصيرييّن نحو الشرق عدّة نماذج: تارة بنى المستوطنون قرى جديدةً وطوراً حلّوا محلّ المسيحييّن وأحياناً المسلمين (للتذكير عندما يستعمل المؤلّف مصطلح "مسلمين" دون إضافة فهو يقصد السنّة حصراً) الذين نزحوا إلى هضبة حماة. لا مناص من حدوث العنف بين حين وآخر في تحوّلات ديموغرافيّة من هذا النوع وإن أشارت الدلائل أنّ زحف الأنصاريّة عموماً كان سلميّاً.         


الصورة الملحقة لتلّ سلحب في منتصف ثلاثينات القرن العشرين وتبدو جبال الأنصاريّة باهتةً في الخلفيّة. الخارطة عن Weuleresse وتظهر القرية القديمة فيها على قمّة التلّ والحديثة على السفح والسوق بينهما. قدّر Weuleresse عدد السكّان (عام ١٩٤٦) بسبعمائة علوي وثلاثين مسيحي. 










علويّون ونصيريّون وأنصاريّون 


نصيريّة الجبال






Richard Lodoïs Thoumin. Le Ghab. Revue de Géographie Alpine 1936 pp. 467- 538

Jacques Weulersse. Paysans de Syrie et du Proche-Orient (carte)

Tall Salḥab

No comments:

Post a Comment