Saturday, March 27, 2021

وثائق قبّة الخزنة

 


احتفظ السوريّون بنفائس كتبهم عبر التاريخ في دور العبادة والمدارس التي استعرض منها العالم الراحل حبيب الزيّات قبل مائة وعشرين عاماً خزائن دمشق وصيدنايا ومعلولا ويبرود.    


كان الجامع الأموي ولا يزال أهمّ أوابد دمشق واحتوى حتّى القرن التاسع عشر على مجموعة كبيرة من النفائس منها ما جاور ضريح النبي يحيى (القدّيس يوحنّا) ومنها ما كان في بيت الخطابة ومنها ما استقرّ في قبّة الخزنة أو بيت المال ومنها ما توزّع هنا وهناك (على سبيل المثال كشف الوقفيّة الذي ضاع في أواخر القرن العشرين). 


نقل ٧٣ مجلّداً من بيت الخطابة إلى المكتبة الظاهريّة أمّا الباقي (أي الأغلبيّة) فذهب إلى غير رجعة في حريق ١٤ تشرين أوّل عام ١٨٩٣ عندما شملت الخسارة المصحف العثماني. 


اكتنف الغموض محتويات قبّة الخزنة التي - حسب الزيّات - لم يكن بعلم حقيقة ما فيها إلّا "بعض الخاصّة فقط". أوّل من دخل هذه الخزنة البريطاني Edward Thomas Rogers (قنصل إنجلترا في دمشق عام ١٨٦٥ عندما ماتت ابنته الرضيعة وزوجه خلال أشهر إحداهما من الثانية). زار Rogers القبّة مع بعض السيّاح "وانتقى أشياء منها". دخلها بعده محمود حمزة مفتي دمشق ثمّ طواها النسيان إلى أن التمس الألماني Hermann von Soden (١٨٥٢-١٩١٤) مدرّس اللاهوت في برلين الإذن من الحكومة العثمانيّة بالاطّلاع على محتوياتها. انتهى الأمر بالسلطات المعنيّة إلى الموافقة على طلبه وسارع إثر ذلك بإيفاد الدكتور Bruno Violet (تلميذ المستشرق الشهير Theodor Nöldeke) وتمّ له بالنتيجة دخول القبّة في السادس عشر من حزيران (عام ١٩٠٠؟!) بحضور ناظم باشا ولجنة من أعيان وعلماء المسلمين. 


عثر في القبّة على صحائف كثيرة باللاتينيّة والأرمنيّة والعبرانيّة والآراميّة و"الفلسطينيّة" والسامريّة بعود بعضها إلى القرن الخامس للميلاد أضف إلى ذلك مخطوطات عربيّة مبعثرة "ممّا يبلغ بضعة آلاف من الأسفار" معظمها بالخطوط الكوفيّة وبعضها مزيّن بأشكال ورسوم. 


هذا باختصار ما أورده الزيّات عن محتويات قبّة الخزنة ومن المعقول والمحتمل أنّها نقلت إلى المكتبة الظاهريّة كما نقلت ودائع بيت الخطابة قبلها بيد أنّ نصّ المؤلّف صامت عن هذه النقطة. 


الصورة الملحقة عن الدكتور عفيف بهنسي. 














Afif Bahnassi. La Grande Mosquée des Omeyyad  à Damas. Tlas 1990.

No comments:

Post a Comment