تلطّف شكري بك الشربجي فسمح للجغرافي الفرنسي Tresse بزيارة ودراسة داره في حيّ القنوات واتّخذها هذا الأخير نموذجاً للبيت "الإسلامي" العائد لأواخر القرن الثامن عشر.
السؤال الأوّل: من هو شكري الشربجي؟ أدين بهويّته لموقع التاريخ السوري المعاصر الذي أعطى عنه نبذة شديدة الاختصار: "مدرّس في دمشق من الدرجة الثالثة. جرى تعيينه مديراً لمدرسة التجهيز في دمشق للإناث بدلاً عن جان جوليكار (Jeanne Jolicœur ?!) الفرنسيّة بموجب مرسوم صدر في أيلول ١٩٣٣ م".
السؤال الثاني: هل هناك معلومات عن بيته؟ عثرت على مصدرين يذكران "بيت الشربجي" الأوّل كتاب البيت الدمشقي للأستاذ زكريّا محمّد كبريت (صفحة ٩٦ من الجزء الثاني الذي زوّدنا بمسقط للطابق الأرض والأوّل + مقطعين دون أي نصّ مرافق. لا أعلم يقينا إذا كان هذا البيت هو المقصود وبمقارنة مخطّطاته مع مسقط Tresse نجد عدداً من الاختلافات وإن كان هناك احتمال أنّها عائدة لتعديلات أجريت خلال الثمانين عاماً بين الدراستين الأولى والثانية. المصدر الثاني دراسة Weber التي نشرها المعهد الدانماركي في دمشق عام ٢٠٠٩ (صفحة ٥٥٥ من الجزء الثاني) التي تخبرنا أنّ البيت في القنوات فعلاً وأنّ البنية الحاليّة تعود لأواخر القرن التاسع عشر مع بقايا من النصف الأوّل للقرن السابع عشر وأنّ حالة البناء اليوم جيّدة. أضاف Weber أنّ النسبة لمحمّد آغا شربجي الداراني.
تتمثّل أهميّة البيت لدى Tresse (الذي ركّز على السقاية في دمشق والغوطة) في توزيع الماء فيه بالشكل الآتي:
نبدأ من طالع البلديّة (رقم ١) المواجه للبيت على الطرف الثاني للزقاق ومنه الطالع رقم ٢ الذي يزوّد بيت الشربجي وبيت الجيران بالماء. نتابع من طالع الشربجي إلى سبيل على جدار البيت الخارجي (رقم ٣) يستقي منه العابرون والهدف منه بالطبع خيري حسب الحديث النبوي "قلت يا رسول الله إنّ أمّي ماتت أفأتصدّق عتها؟ قال نعم قلت فأيّ الصدقة أفضل؟ قال سقي الماء".
إذا تابعنا إلى داخل البيت نصل إلى حوض في الدهليز (٤) ومنه إلى البحرة في وسط الصحن (٥) التي يخرج الماء من الكأس في منتصفها ليتوزّع في سائر أرجاء المنزل: إلى القاعة (٧) ومنها (التمديد ٨) إلى بيت الخلاء (٩). بنساب فائض الماء (١٠) من البحرة نحو الحوض (١١) في جدار المطبخ ومنه إلى بيت خلاء آخر (١٢). يتوجّه فائض من البحرة أيضاً في ١٣ نحو بيت مجاور (١٤).
هناك طالع إضافي (١٥) تغذّي مياهه بحرة القاعة الصغيرة (١٦) ويسيل الفائض عنها إلى البحرة المركزيّة بواسطة الفتحتين ١٧ و ١٨. تدعى هذه الفتحات السباع لأنّ هيئتها قديماً - حجريّة كانت أم نحاسيّة - كرؤوس السباع التي بنجبس الماء من أفواهها على غرار سباع بحرة قصر الحمراء في الأندلس.
غزارة الماء في هذا البيت على الأقلّ والدقّة في توزيعه مثيرة للدهشة.
زكريّا محمّد كبريت. البيت الدمشقي. الطبعة الأولى عام ٢٠٠٠. الجزء الثاني.
شكري الشربجي. التاريخ السوري المعاصر
René Tresse. L'irrigation dans la Ghouta de Damas. Revue des Études Islamiques 1929.
Stefan Weber. Damascus Ottoman Modernity and Urban Transformation 1808-1918. Proceedings of the Danish Institute in Damascus V 2009.
No comments:
Post a Comment