تعرّفنا من خلال المنشور السابق على سلطنة الخليج الفاحشة الثراء كاك هاويت. حطّت طائرة صديقنا Martin Milan وبصحبته الصبي رشيد آل هويلدة Huild'ah الوريث الوحيد لإمارة مندهامه Mandhamërh المجاورة. مارتان بحاجة ماسّة وفوريّة إلى الماء ليصّبه في مشعاع radiateur طائرته العتيقة "البجعة" بيد أنّ مفاجأة لم تكن في الحسبان كانت بانتظاره: كاك هاويت جاثمة على حقول شاسعة من البترول ولكنّها مع الأسف لا تملك نقطةً واحدةً من الماء إلى درجة أنّ أهلها يهجرون سيّاراتهم الفارهة في الصحراء بمجرّد أن يتجمّع الغبار والتراب على زجاج نوافذها! تعرّض مارتان للهزء والسخريّة عندما طلب الماء في المطار ونرى الأهالي يضحكون عليه في مجموعة الصور الأولى ولسان حالهم يقول: انظروا إلى هذا المعتوه الذي يبحث عن الماء ولأي غرض!
جسم كل إنسان بحاجة إلى السوائل حتّى ولو كان مواطناً في سلطنة كاك هاويت وبالفعل نجح رشيد في العثور على سبيل (مجموعة الصور الثانية) ونرى مارتان يشرب منه ليكتشف - ويا للعجب - أنّه تخميرة عام ١٩٥٢ من Moët & Chandon (أحد الأنبذة الفرنسيّة الفاخرة). شرح له رجل طيّب من الأهالي أنّ هذا الشراب ليس رديئاً إلى هذه الدرجة وأنّه ممدّد إلى جميع السبلان العامّة.
يسأل رشيد نفس الشخص في مجموعة الصور الثالثة عن ريّ الزراعة ويأتيه الجواب أنّ النباتات تسقى بعصير الأناناس. عيل صبر مارتان - المشهور بالشهامة وطيبة القلب والنزق - فسأل الرجل غاضباً: ماذا أضع في مشعاعي؟ Moët & Chandon أو عصير الأناناس؟ الجواب لا هذا ولا ذاك "لسنا على هذه الدرجة من الغباء في كاك هاويت". نصح الرجل الطيّب مارتان أن يستعمل خمر Beaujolais جديد (أي غير معتّق). يعتبر Beaujolais من الأنبذة الجيّدة التي يمكن شربها مع الطعام ولكنّه بالتأكيد لا يرقى إلى مستوى Moët & Chandon وبالتالي فلا بأس من استعماله لتبريد السيّارات.
بدأت الخطوط العريضة لمعضلة سلطنة Kahk-Haweït ترتسم أمام أعيننا: الماء والبترول (كما في "الحبّ والبترول" لنزار قبّاني). بحر من البترول دون نقطة ماء؟! لتوخّي الدقّة يمكن العثور على بعض الماء في كاك هاويت وإن كانت الكميّة محدودة للغاية كما سترى في المنشور التالي.
No comments:
Post a Comment