تواجد هذا الحمّام قرب النهاية الجنوبيّة لشارع باب توما وعلى طرفه الشرقي مقابل جامع البيانيّة وتزّود بالماء من بانياس والقنوات.
ذكر Écochard & Le Cœur أنّه كان ناشطاً عام ١٩٤٠ عندما تراوحت تعرفة دخوله بين الخمسة إلى العشرة قروش (الأغلى في دمشق على الإطلاق وقتها). كان الحمّام مزوّداً بمياه الفيجة والكهرباء أيضاً أمّا الأجرة السنويّة التي دفعها المستهلك فبلغت ٢٤٠ من الليرات. استقبل الحمّام الزبائن من النساء والرجال ليلاً نهاراً. لم يقم الفرنسيّان بدراسة هذا الحمّام ولم يتعرّض إليه كيّال. استمرّ نشاط الحمّام حتّى عام ١٩٤٨ على الأقلّ (المنجّد) ولا أعلم تاريخ هدمه. أفاد العلبي أنّ عمارةً سكنيّةً حلّت محلّه. لم أنجح إلى اليوم بالعثور على صورة له.
أقدم مصدر ذكر اسم حمّام المسك على علمي هو Buckingham (ص ٢٩٨-٢٩٩) وكان ذلك عام ١٨٢٥.
المصدر الثاني Addison (الجزء الثاني بداية من ص ١٠١) في كتابه الذي صدر عام ١٨٣٨.
المصدر الثالث - دوماً حسب التسلسل الزمني - Kelly (اعتباراً من ص ١٨٧) والكتاب يعود إلى عام ١٨٤٤.
أوّل مصدر عربي ذكر حمّام المسك هو نعمان أفندي القساطلي عام ١٨٧٩ (ص ١٠٩) الذي قال: "حمّام المسك هو أتقن الحمّامات وأجملها موقعه في حارة النصارى جدّده بعد سنة ١٨٦٠ المرحوم متري شلهوب وأصلح قناة مائه".
هناك ذكر عابر للمسك في Wulzinger & Watzinger تحت اسم "المسكي" (ص ٧٦ من الأصل الألماني و ١٥٠ من تعريب طوير) أهميّته بالدرجة الأولى أنّه أرشدني إلى Buckingham (أقدم المراجع).
بالطبع هذا لا يعني أنّ هذا الحمّام وليد القرن التاسع عشر إذ هو - كما أشار العلبي - يوافق في موقعه حمّام درب الحجر المذكور في ابن عساكر (درب الحجر في القرون الوسطى = شارع باب توما حاليّاً). هذا الحمّام مذكور أيضاً في ابن كثير (البداية والنهاية) تحت اسم حمّام الزيت الذي أعيد بناؤه في مطلع عام ٧٢١ للهجرة (١٣٢١ للميلاد) مع الإشارة إلى أنّه "درس زمن الخوارزميّة" أي قبل ثمانين عاماً.
أضاف ابن طولون الصالحي في مفاكهة الخلّان عن سنة ٨٩٥ للهجرة (١٤٩٠ م): "وفيها نقض حمّام الزيت الذي كشف القاضي الشافعي عليه وعلى ما حوله شرقي كنيسة مريم بدرب الحجر وهذا الحمّام له ذكر في التاريخ عمارة رجل سامري بعد خرابه من زمن الخوارزميّة ثمّ دثر ولم يقرب إلى أن كشف عنه القاضي المذكور ثمّ باعه للفلك".
الخلاصة أنّه إذا سلّمنا أنّ درب الحجر والزيت والمسك ما هي إلّا تسميات مختلفة لحمّام واحد عبر العصور فمعنى ذلك أنّه يعود للقرن الثاني عشر للميلاد على أقلّ تقدير وأنّه دمّر خلال فتنة الخوارزميّة (١٢٤٤ للميلاد) ثمّ جدّد عام ١٣٢١ ونقض عام ١٤٩٠ وبني مجدّداً في تاريخ لاحق إلى أن "اكتشفه" الأوروبيّون في النصف الأوّل من القرن التاسع عشر وعاش بعدها حتّى منتصف القرن العشرين.
لنا أكثر من عودة إلى هذا الحمّام الدارس.
الصورة عن Addison عنوانها "درويش راقص".
أكرم حسن العلبي. خطط دمشق. دار الطبّاع ١٩٨٩
الآثار الإسلاميّة في مدينة دمشق. تعريب قاسم طوير
Michel Écochard & Claude Le Coeur. Les Bains de Damas : Monographies architecturales. Imprimerie catholique 1942-1943.
Karl Wulzinger & Carl Watzinger. Damaskus, die Islamische Stadt. Walter de Gruyter 1924.
No comments:
Post a Comment