Monday, October 23, 2023

حسن الخرّاط

 





الأوّل من شباط فبراير ١٩٢٦


لا يشكّ اليوم إنسانٌ أنّ حسن الخرّاط بُعِثَ من جديد. هذا الرجل بمثابة Garibaldi دمشقي يهتمّ عامّةُ الناس "بمآثِرِه" إلى أبعد الحدود. جُرِحَ الخرّاط أثناءَ هجومٍ في الشاغور بعد أن خانَهَ أحد القروييّن وأُشيعَ أنّه مات بيد أنّ المتمرّدين يملكون مشفىً لا ريب في كونِهِ تحت إدارة الدكتور الشهبندر وإن لم نعرف مكانَهُ. باختصار أُحيطَ الخرّاط بالعناية الطبيّة وتماثَلَ للشفاء الذي تزامن معَهُ استئناف الأعمال العدائيّة.


ليس هذا الوقت مناسباً لحرمانِهِ من ابنه ومع ذلك فهذا ما حدث صباح اليوم بطريقةٍ مثيرةٍ للاشمئزاز عندما عُرِضَت الطبعة الجديدة من "لوحة الصيد" في ساحة المرجة على رؤوس الأشهاد. تدّلت أجساد ثلاثةٍ من الشباب علناً حتّى ساعةٍ متاخّرة لتكون "عبرةً لمن اعتبر". ترجمت هذه العمليّة إصرار السلطات على اتّباع الأساليب القديمة الفاشلة وعجزَها المطبق عن فهم هذا الشعب اليوم تماماً كما كان الأمر في البداية. 


شكّلَ الجنودُ حاجزاً لمنع الأهالي المتجمهرين (لا شكّ بوجود العديد من المتمرّدين بينهم) من الاقتراب نحو المحكوم عليهم ولكنّهم سمحوا لجميع الأوروپييّن (وحتّى الأوروپيّات) ممّن أراد التقاط الصور على الرغم من المنظر الشنيع لهؤلاء التعساء. خطّت التجاعيد ملامح ابن الخرّاط التي تجلّى فيها المرض كما في لسانِهِ الأسود المتورّم أمّا وجهيّ الآخَرَين فكانت ممتلئةً يبدو على محيّاها الشباب وكأنّها حيّةٌ غارقةٌ في التأمّل. مشهدٌ رهيبٌ حتّى بالنسبة لي رغم أنّي عاينت خلال الحرب الكثير من الأهوال. يتأوّه الأهل في إحدى زوايا الساحة بينما يتأمّل الناظرون الرؤيا بسحنة امتزج فيها السخط مع التسليم بالقضاء والقدر. 


أغلقت الكثير من المخازن أبوابَها في المساء احتجاجاً على ما جرى. ليس من أُعدموا في نظرهم من المجرمين الذين حقّ عليهم العقاب بل هم وطنيّون قُتِلوا بدافع الانتقام.




الصورة المحذوفة بعدسة لويجي ستيروني









Alice Poulleau. À Damas sous les bombes. Journal d'une Française pendant la révolte syrienne 1924 - 1926 (p. 167 - 168). Ed. Bretteville Frères, (Paris 1926).

No comments:

Post a Comment