أتابعُ في هذا المنشور ما استطعت جمْعَهُ من المعلومات عن المصوّر الإيطالي لويجي ستيروني الذي أطلَقَت عليه السيّدة Poulleau - لربّما من باب التهكّم - لقب "مصوّر البَلاط" أي بعبارة ثانية المصوّر الرسمي لسلطات الانتداب الفرنسي التي كان للأديبة الفرنسيّة عليها الكثير من المآخذ. لم تمنع هذه التحفّظات Poulleau من التعامل مع Stironi الذي استعمَلَت أربعاً من لقطاته في كتابها بما فيها صورة الغلاف.
للإنصاف كان السيّد Stironi مصوّراً موهوباً وثَّقَ ليس فقط أحداث الثورة السوريّة الكبرى في منتصف عشرينات القرن الماضي (سواءً في دمشق أم جبل العرب)، بل أيضاً عدداً من معالم العاصمة السوريّة الأثريّة أذكر منها الجامع الأموي والتكيّة السليمانيّة ومحطّة الحجاز والقلعة وبردى وقبريّ فاطمة وسكينة في الباب الصغير وقصر العظم والكثير غيرها ممّا تعرّضتُ له أو سأتعرّض قريباً. هناك أيضاً عددُ من الصور البديعة الملتقطة في تدمر.
يتّضح من الختم على ظهر البطاقة البريديّة وجود استوديو "للمصوّر الفنّان" Stironi في دمشق. ذكرته السيّدة Poulleau في الصفحة ٤٩ من كتابها في السياق الآتي:
الثاني من آب أغسطس عام ١٩٢٥.
دُعيتُ منذ فترة إلى زيارة صديقةٍ في س....، في مزرعةٍ صغيرة تبعد كثيراً عن دمشق على تخوم البادية. انطَلَقتُ في الصباح على متن عربةٍ حاول سائقُها الأرمني في البداية أن يستغلّني بيد أنّه ابتسم ولاحت على محيّاه أسارير الفهم عندما تحقّقَ أنّني اكتشفت غشَّهُ. مررتُ في طريقي على ستيروني للحصول على أفلامٍ وصادفتُ في الاستوديو رقيباً يتصوّر. بدا الجوّ لي جنائزيّاً لسببٍ ما ولكن بعد التفكير أعتقد أنّني - في أعماقي - أدركتُهُ بما يكفي ويزيد إذ رأيت على إحدى قطع الأثاث كومةً من الصور المحمّضة جاهزةً داخل ظروفٍ صغيرة بانتظار أن يطلِبها أصحابُها ... أتى جنودٌ بهذه الأفلام قبل إثني عشر يوماً.... قُتِلوا عن بَكْرَةِ أبيهم....
للحديث بقيّة.
الصورة الملحقة بعدسة ستيروني لأطلال تدمر قبل حوالي مائة عام.
Alice Poulleau. À Damas sous les bombes. Journal d'une Française pendant la révolte syrienne 1924 - 1926 (p. 49). Ed. Bretteville Frères, (Paris 1926).
No comments:
Post a Comment