Tuesday, October 24, 2023

دو جوڤونيل في دمشق

 


السادس من شباط فبراير ١٩٢٦.


استقبل السيّد دو جوڤونيل الجالية الفرنسيّة (١) في جوٍّ ماطرٍ وبارد. الموضوع لا يخرج عن استعراضٍ تافهٍ للخيلاء المألوفة وإن شعر المشاركون بالأمان بعيداً عن راجميّ الحجارة. المندوب السامي هنا محبوبٌ عموماً وبالتالي تميّز الاستقبال بالودّ والاحترام. بالمقابل استقبل الدمشقيّون دو جوڤونيل بمنتهى البرودة عندما رَغِبَ في زيارة المدينة (٢) بعد الظهر. سوق الحميديّة زاخرٌ بالشرطة والحرس السورييّن. ترجّل دو جوڤونيل من سيّارتِهِ عندما وصلت إلى نهاية شارع النصر وسار برفقةِ كبار الموظّفين الفرنسييّن والجنرالات والضبّاط وأحد الأميرالات وسط الجمهور الذي اصطفّ على جانبيّ الموكب دون أن ينبس ببنت شفة أو تصدر عنه أقلُّ إيماءة. المخازن المغلقة كثيرة ومع ذلك قام المندوب السامي، مصطحباً أحد المترجمين، بدخول عددٍ من متاجر المسيحييّن - كان لا بدّ له من زيارة أصفر (٣) - بيد أنّه عرّج على أحد المسلمين كما تحتّم اللباقة السياسيّة. تابع دو جوڤونيل نحو الجامع الأموي ليصل إلى الرواق البيزنطي حيث شاهَدَ مجموعةً من الرجال يعتمرون الكوفيّة ويصفّقون بطريقةٍ غريبة بينما تبسّم بعض أصحاب الحوانيت بأسلوبٍ ينمّ عن السخرية. هل فهم المندوب السامي في هذه اللحظة عداءَ الدمشقييّن وبرودَتَهم نحوه؟ هذا محتمل إذ أنّه عاد أدراجه مع مرافقيه دون الدخول إلى الجامع وشاءت الأقدار أن تتردّد في نفس الوقت أصوات العيارات الآتية من حيّ الميدان. استمرّ إطلاق النار خلال ما تبقّى من اليوم.





(١) سكنت الجاليات الأجنبيّة في عهد الانتداب في الضواحي الحديثة على طريق الصالحيّة.

(٢) "المدينة" هي دمشق داخل السور والضواحي التاريخيّة لصيقها (القنوات، ساروجا، الشاغور، العمارة). 

(٣) الكلام على الأرجح عن أصفر وسركيس من تجّار الشرقيّات آنذاك. 





الصورة بعدسة لويجي ستيروني








Alice Poulleau. À Damas sous les bombes. Journal d'une Française pendant la révolte syrienne 1924 - 1926 (p. 171 - 172). Ed. Bretteville Frères, (Paris 1926). 

Photo Stironi


No comments:

Post a Comment