Saturday, February 5, 2022

مار تقلا بين منين ومعلولا


مار تقلا قدّيسة مسيحيّة يروى أنّها نشأت في قونيا Iconium في القرن الأوّل للميلاد. خطبت تقلا عن عمر ١٨ سنة إلى شابّ اسمه ثاميريس Thamyris وصبغت يداها وشعرها بالحنّاء استعداداً للزفاف بيد أنّها اعتنقت المسيحيّة ونذرت العفّة والعذريّة ممّا أثار حنق أهلها ودفع البعض إلى الوشاية بها إلى السلطات فحكم عليها بالموت حرقاً. 


لا بدّ لكل قدّيس من معجزات (إلى اليوم يشترط الكرسي البابوي معجزتين كحدّ أدنى لإعطاء لقب قدّيسة أو قدّيس وقد يستغرق الحصول على هذا التشريف مئات السنين (كما في حال عذراء أورليان جان دارك Jeanne d'Arc التي استشهدت عام ١٤٣١ ولم تحصل على رتبة الطوباويّة حتّى عام ١٩٠٩ بينما تعيّن على درجة القدسيّة  الانتظار بضعة سنين إضافيّة إلى العام ١٩٢٠).


تمثّلت معجزة مار تقلا الأولى في المطر الذي أخمد نار محرقتها. توالت المعجزات مع توالي محاولات قتلها برميها إلى الضواري وتقطيعها إرباً إرباً لتخرج بعد كل محاولة من شدّتها بأعجوبة ربّانيّة. لاذت القدّيسة بأذيال الفرار إلى بعلبك ثمّ عبرت جبال لبنان الشرقيّة عن عمر ستّين عاماً إلى منين أوّلاً عندما أقامت على قمّة الصخرة المشرفة على القرية لمدّة يومين ومنها إلى معلولا لتحيا في مغارة لمدّة ثلاثين عاماً سهرت خلالها على العناية بالمرضى لتموت بعدها في سلام. 


من مآثرها:


- حفرت الصخر بأصابعها لينجبس منها الماء. 

- عبرت حقلاً قرب معلولا ألقي بذاره في الصباح ونبت بسرعة خارقة ليخفي الهاربة عن عيون مطارديها قبل أن يحصد في المساء. أطلق على هذا الحقل لاحقاً اسم بستان مار تقلا. 

- شقّ الربّ فجّاً (بواسطة شعر القدّيسة) في جدار الجبال الصخري (ارتفاع ٢٠-٤٠ متر) ليسمح بعودة مار تقلا إلى مغارتها بعد أنّ ضيّق مطاردوها الوثنيّون الخناق عليها. إلى اليوم يدّعي القرويّون أنّ آثار الشعر لا تزال مرئيّة على الحجر (قارن مع مغارة الدم في قاسيون). 


هناك أيضاً أقاصيص لا تخلوا من الغمز واللمز عن الصعوبات التي عانتها مار تقلا للتهرّب من ملاحقة مار سركيس لها إذ أراد هذا الأخير إقامة علاقة معها تتعدّى الحبّ العذري (يفترض أنّ مار سركيس يعود للقرن الثالث أو حتّى مطلع القرن الرابع الميلادي وبالتالي لم يكن معاصراً لمار تقلا). على الأغلب اختلقت هذه الروايات بعد إنقسام أهل معلولا بين الكاثوليكيّة والأورثوذوكسيّة عندما أصبح مار سركيس راعي دير الكاثوليك إلى جانب مار تقلا حامية الدير الذي يحمل اسمها. تخفي مظاهر الودّ الخارجيّة مزاحمةً إن لم نقل عداوةً بين الأورثوذوكس والكاثوليك. 



الصورة الملحقة لمغارة مار تقلا في أواخر عشرينات القرن الماضي. 



للحديث بقيّة. 





مسيحيّو القلمون











No comments:

Post a Comment