من مسيحيّي القلمون من اعتنق الإسلام في القرون الوسطى ومنهم - وهؤلاء كثيرون -من تأخّر إسلامهم حتّى القرن السابع عشر أو الثامن عشر. ليس من المستغرب استمرار بعض العادات أو حتّى الشعائر المسيحيّة لدى الفئة الثانية مع بعض التطوير ومنه الاستجارة بمار تقلا كما يستجير المسلمون بالأولياء وأضرحتهم عموماً. اختصّت مار تقلا بشفاء أمراض المفاصل والشلل وإن أمكن التماس الشفاعة في الحمّيات وسائر العلل (بالمقابل ركّزت عذراء صيدنايا على العقم والنسوة العواقر حيث قد تنذر بعض المسلمات تعميد وليدهنّ إذا تحقّقت المعجزة وحملن).
يتبع طالب (أو طالبة) النعمة بروتوكولاً معيّناً في مسعاه يقوم بموجبه بكتابة الالتماس على قصاصة من الورق توضع على ضريح القدّيسة ويتعيّن - لضمان منال النعمة المبتغاة - المساهمة بهبة مائة غرش فضّي لا تزيد ولا تنقص بغضّ النظر عن الغاية المرجوّة وأي مقدار غير ذلك يعتبر إهانة للشفيعة (على الأقلّ حسب المؤلّف الفرنسي ومقاله عام ١٩٢٩) وبالتالي لا يمكن للأثرياء استغلال إمكاناتهم الماديّة للوصول إلى مآربهم.
نرى في الصورة الملحقة مثالاً على التماس من مسلم ودليلاً لا يقبل الدحض على مكانة مار تقلا الخاصّة في قلوب أهل القلمون بغضّ النظر عن دينهم ومذهبهم. زوّدنا Thoumin بترجمة فرنسيّة للنصّ العائد إلى عام ١٩٢٩ وأنقل هنا ما استطعت تمييزه من الكتابة العربيّة:
"لا إله إلّا الله محمّد رسول الله
هذه راية المار تقلة
اللهمّ إرفع عن حامل هذا .... الأوجاع .... وابعد عنه شرّ من .... سماء وأرض ...."
ذكر Thoumin أيضاً نصّ رسالة من عام ١٩٢٥ كتبتها امرأة من المتاولة (الشيعة الإثني عشريّة) المدعوّة عائشة ابنة مصطفى الملحاوي تطلب فيها من سيّدة مار تقلا حفظها الله أن تبعد عنها كافّة علل اليدين والقدمين والرأس وأنهتها بالسلام على من اتّبع الهدى.
تختلط الابتهالات المسيحيّة والإسلاميّة في مغارة معلولا حيث تقرأ نساء المسلمات آيات قرآنيّة قبل أن يقتربن من ضريح القدّيسة ويباشرن تضرّعهن إلى العذراء والطفل يسوع.
للحديث بقيّة.
No comments:
Post a Comment