الأسطر التالية معرّبة عن الجغرافي الفرنسي Thoumin وكتاب الجغرافيا البشريّة في سوريّا المركزيّة الصادر عام ١٩٣٦.
أوّل ما يطرأ على بال متأمّل موقع معلولا هو الدفاع. نظمت القرية بشكل يمكّن حفنة من المقاتلين من صدّ هجوم جماعات قد يبلغ عددها المئات كما برهنت أحداث عام ١٩٢٥.
يشكل فجّان جبليّان عميقان في الفاصل الوعر بين السلسلتين الثانية والثالثة لهضاب القلمون الطرق الوحيدة السالكة إلى المرتفعات. يحيط جدار كلسيّ عموديّ يتراوح ارتفاعه بين الثلاثين إلى الستّين متراً بالمنحدرات الحادّة حيث تراكمت الصخور المتهاوية. تستند معلولا بظهرها في الشمال والغرب إلى سلسلة جبال القلمون الثالثة وتواجه إلى الجنوب والشرق الهضبة الثانية على مستويات أشبه ما تكون بمدرّج المسرح. هذه المستويات - الدرجات ضيّقة يكافىء علو الواحد منها ارتفاع البيت.
لم يكن الوضع كذلك في الأصل. قطن الأهالي في العهد الروماني على عرف الجبل الفاصل بين الهضبة الثانية والهضبة الثالثة خشية من هجوم أعدائهم منطلقين من المناطق المنخفضة. كان للتجمّع السكني موارده المائيّة من الينابيع المنجبسة من الشعاب الجبليّة أمّا عن الدور فقد حفرت في صخور الجرف ولا يزال بالإمكان رؤية العديد منها بشكل غرف مستطيلة يتراوح طولها بين خمسة إلى ثمانية أمتار وعرضها بين ثلاث إلى أربعة أمتار وعادة ما يكون القسم الخلفي من الحجرة مرتفعاً بدرجة مقارنةً مع المدخل. إلى اليوم يمكن العثور على نقوش كتابيّة يونانيّة علاوةً على نسر روماني من العهد الإمبراطوري. تتوزّع المحاريب والخزائن والرفوف في الزوايا وتتكرّر بانتظام من منزل إلى منزل. سمح انحدار الأرض نحو النهاية الجنوبيّة للقرية بإقامة منشآت أكثر أهميّةً حيث تطوّرت الكهوف الاصطناعيّة وزادت حجماً ومساحةً إلى درجة أنّ عدداً منها يتّصل بعضه مع البعض الآخر ويتكدّس ليشكّل بيوتاً من طوابقٍ بكلّ معنى الكلمة.
للحديث بقيّة.
ريف دمشق في عهد الانتداب الفرنسي: معلولا
No comments:
Post a Comment