الطبوغرافيا التاريخيّة
يبرود موقع قديم مشهور بمياهه التي تساهم في ريّ النبك. استنتج المستشرق الفرنسي Clermont-Ganneau من أحد النصوص اليونانيّة القديمة أنّ يبرود وقعت تحت هيمنة أغريبا الثاني وعلّه حصل عليها كأحد مكوّنات إمارة ليزانياس بعد أن منحه إيّاها الإمبراطور الروماني كلوديوس عام ٥٣ للميلاد.
على الأرجح ترافق تغيّر السلطة الزمنيّة آنذاك مع تغيّر في الكهنوت وإن كنّا نجهل هويّة الإله موضع العبادة. طرح Dussaud احتمال كونه المشتري ملك يبرود حسب نصّ من روما.
البدايات والتوسّع
يبرود أهمّ تحمّعات القلمون السكّانيّة يقطنها أربعة آلاف مسلم وألفيّ مسيحي أضف إليهم ألفاً وسبعمائة مسيحي من المغتربين في أمريكا (الكلام في منتصف ثلاثينات القرن العشرين). تطوّرت المدينة عبر الزمن انطلاقاً من عوامل جغرافيّة وازدهرت غوطتها قرب المنفذ الواصل بين السلسلتين الثانية والثالثة لجبال القلمون. يرتفع تلّ عشرين متراً عن الأراضي المحيطة به على مسافة حوالي كيلومترين إلى شمال الثغرة وشرقها. هذا التلّ الذي تطوّقه الأراضي المسقيّة من كافّة الجهات هو أصل البلدة الحاليّ. تربة المرتفع فقيرة بيد أنّ موقعه وسط الأراضي الخصبة وقربه من أحد أهمّ معابر الإقليم جذب الأهالي إلى استيطانه ولا ريب أنّه غارق في القدم وفي كلّ الأحوال لدينا شواهد على السكن فيه تعود إلى العهد اليوناني.
ماذا عن الاتّجاه أو الاتّجاهات التي تطوّر الموقع على محاورها؟ ارتسمت حدود البساتين منذ أن وصلت البيوت إلى سفح المرتفع ولم يكن الأهالي في وارد إقامة بلدة مزاحمة ليبرود في نفس الموقع أو لصيقه وبالتالي جرى توسّع العمران على امتداد شريط الأرض الزراعيّة الأكثر ضيقاً وهكذا بالتدريج انتقل المركز نحو الجنوب ومنحدرات الناتئ الطباشيري المطلّ على هذا القسم من سلسلة هضاب القلمون الثانية بدلالة الكاتدرائيّة التي تعود جدرانها إلى ذلك العهد وبالفعل تمرّ فروع مجرى الماء على جانبيّ هذه الآبدة لتسقي بساتين أبرشيّة الروم الكاثوليك.
للحديث بقيّة.
Richard Thoumin. Géographie humaine de la Syrie Centrale. Tours, Arnault et Cie 1936
No comments:
Post a Comment