الاسم الحقيقي Maria Rosette Shapira أمّا Myriam Harry فهو الاسم الذي استعملته هذه الأديبة الفرنسيّة في كتاباتها.
ولدت السيّدة هاري في القدس شباط عام ١٨٦٩ ووافتها المنيّة في فرنسا في آذار عام ١٩٥٨. لربّما لم يكن من المبالغة القول أنّ اسمها لا يعني شيئاً للغالبيّة العظمى من مثقّفي سوريّا اليوم.
كان أبوها Guillaume Moses Shapira يهوديّاً من كييف في أوكرانيا قبل أن يعتنق الدين المسيحي والمذهب البروتستانتي وكان له متجر في القدس لبيع الأغراض التذكاريّة ومخلّفات الماضي الأصليّة منها والمقلّدة للسيّاح والحجّاج أمّا أمّها فألمانيّة بروتستانتيّة.
اشترى السيّد Shapira ما اعتقده مخطوطة تاربخيّة غارقة في القدم لسفر التثنية تمتاز بكونها مخالفةً للنصّ القانوني في الكتاب المقدّس وشدّ على إثر ذلك الرحال صوب برلين ولندن في محاولةٍ منه لبيعها لأحد المتاحف. لسوء حظّ Shapira أفتى الخبير والمستشرق الفرنسي الشهير Clermont-Ganneau (أستاذ العلّامة René Dussaud) لدى عرض المخطوطة في المتحف البريطاني British Museum بأنّها مزوّرة وكان رأيه بمثابة حكم بالإعدام ليس فقط على الوثيقة وإنّما على Shapira الذي أفلس واعتراه اليأس وانتهى به المطاف بالانتحار في روتردام (هولندا) في آذار ١٨٨٤. احترقت الوثيقة لاحقاً ولا سبيل اليوم للتحقّق من أصالتها. ما يعنينا هنا أنّ أرملته - السيّدة Shapira - تركت فلسطين والقدس مع ابنتها Maria Rosette إلى غير رجعة عائدة إلى ألمانيا في نفس العام أمّا عن الفتاة التي لم يتجاوز عمرها الخمسة عشر ربيعاً فكان حلمها أن تصبح كاتبة بالفرنسيّة وأن تعيش في باريس رغم أنّها آنذاك كانت تتقن الألمانيّة والإنجليزيّة دون سواهما.
فيما يتعلّق بحياتها الخاصّة تزوّجت Myriam (أو Maria Rosette) نحّاتاً فرنسيّاً عام ١٩٠٤ (مات ١٩٣٨) وتبنّت معه لاحقاً صبيّاً مسيحيّاً سوريّاً عمره عشرة سنوات أمّا عن حياتها المهنيّة الغنيّة ونتاجها الأدبي الغزير فسأقتصر على ذكر ما تعلّق منه يسوريّا والشرق الأدنى عموماً حيث تنقّلت بين مصر والقسطنطينيّة مروراً بالأقاليم بينهما لفترة تجاوزت العشر سنوات أرسلت خلالها العديد من التقارير الصحفيّة إلى كبار جرائد العصر تخلّلتها إشارات استفهام عن السياسات الفرنسيّة والإنجليزيّة في المنطقة. تعرّضت المؤلّفة "لتحرير المرأة المسلمة" (موضوع محبّب في الغرب وإلى اليوم) وحوار الحضارات وكانت شاهد عيان على الاستيطان اليهودي في فلسطين. بالنسبة لدمشق - بيت القصيد - فقد زارتها ثلاثة مرّات بداية من عام ١٩٢٠ في العهد الفيصلي ونهاية بأواخر ثلاثينات القرن الماضي قابلت خلالها عدداً من أرفع شحصيّات البلاد في ذلك العهد كما سنرى.
تدّعي الويكيبيديا الفرنسيّة أنّ معرفة Harry باللغة العربيّة فتحت لها الكثير من الأبواب ولكنّي - بعد قراءة كتابها عن دمشق الذي سأعود إليه أكثر من مرّة - لست متأكّداً من ذلك لأكثر من سبب: كثير من الأشخاص الذين قابلتهم كانوا من النخبة السوريّة وقتها ويتكلّمون الفرنسيّة بطلاقة أوّلاً واعتمادها على الأصدقاء والأدلّة المحلّييّن - ومنهم الفنّان توفيق طارق - في جولاتها المتعدّدة ثانياً.
تدين السيّدة Harry في شهرتها إلى أدبها وكتاباتها إلى أن نالت درجة فارس في جوقة الشرف chevalier de la Légion d'honneur في كانون ثاني عام ١٩٣٤.
للحديث بقيّة.
No comments:
Post a Comment