تولّى الفنّان توفيق طارق -"الصديق القديم" للسيّدة هاري - مهمّة دليلها السياحي والتاريخي عبر شوارع وأزقّة دمشق وكما سنرى للتوّ لم تكن معلوماته دوماً على المستوى المطلوب وهذا طبعاً بفرض أنّ الكاتبة فهمتها بحذافيرها ونقلتها عنه بأمانة في كتاب نشر عام ١٩٤٨ أي بعد أكثر من ربع قرن من زيارتها عام ١٩٢٠. هناك على سبيل المثال (صفحة ٧٨) ملاحظة الأديبة لدى جولتها في الحرم أنّ أطراف السجّاد العجمي الثمين مخيّطة بعضها مع البعض الآخر وعندما سألت توفيق بك عن السبب أجابها أنّ هذا الإجراء كان لمنع المصلّين - الذين قد يشرد انتباههم خلال تأدية شعائرهم الدينيّة - من أخذ السجاجيد سهواً!
فيما يلي تعريب ما كتبته في الصفحة ٧٣ وقد اخترت هذا المقطع بالذات لأنّه يختزل طريقة تفكير المؤلّفة - التي فضّلت الشوراع الضيّقة والمناظر الطبيعيّة والبساطة عموماً على الضخامة والأبّهة (بله الحداثة) - من جهة ومصداقيّة المعلومات التي نقلتها (عن توفيق طارق أو غيره) من جهة ثانية. أي تعليق أو تصحيح متروك كما هي العادة للحواشي:
"لا يوجد في صحن الجامع أي حوض تعكس مياهه نور السماء ولا أي شجرة تلهم الأحلام ولا أي سروة ترسم على بلاطه مسار الشمس بظلّ أقرب ما يكون إلى ظلّ المئذنة!
كم ثبّطت آمالي هذه الأعجوبة الخامسة (١) التي تباهيت بها أيّها الخليفة الوليد! كم خيّب توقّعاتي هذا الجامع الأموي الذي يفترض أن يترافق مجرّد ذكر اسمه بأناشيد واعدة بالبهاء والجمال!
أعرف أنّ كثيراً من الكوارث مرّت على الجامع من جنكيز خان (٢) وتيمورلنك والحرائق والنهب وغيرها وأعرف أنّه رمّم على يد معمارييّ عبد الحميد ومع ذلك لا أملك إلّا أن أذكر جامعاً آخر وحرماً شريفاً آخر والجامع الأزرق للمدينة التي ولدت فيها (٣) الذي بناه أيضاّ خليفة أمويّ: جامع عمر (٤) الذي يعود الفضل فيه لعبد الملك الذي أتى بعد الوليد (٥). تعرّض هذا الجامع أيضاً للعديد من المآسي والنكبات ومع ذلك يكتنفه الشعر والسحر والخضار الحالم ممّا يعجز عنه الوصف!"
التصوير عن Herzfeld من مطلع القرن العشرين.
(١) إشارة إلى القول المنسوب للوليد "يا أهل دمشق أنّكم تفخرون على الناس بأربع بهوائكم ومائكم وفاكهتكم وحمّاماتكم فأحببت أن أزيدكم خامسةً وهي هذا الجامع.
(٢) كانت عظام جنكيز خان مكاحلاً عندما دخل المغول دمشق. الصواب هولاكو.
(٣) السيّدة Harry من مواليد القدس.
(٤) مسجد أو جامع عمر الاسم الذي أطلقته كثير من المصادر الأجنبيّة القديمة على قبّة الصخرة.
(٥) من نافل القول أنّ الوليد ابن وخليفة عبد الملك وليس العكس.
عبد الرحمن الشهنبدر والتكيّة السليمانيّة ومستقبل المملكة السوريّة
Myriam Harry. Damas, jardin de l'Islam. J. Ferenczi & Fils 1948.
T.E. Lawrence. Seven Pillars of Wisdom
ʿAbd-ar-Raḥmān aš-Šahbandar, al-Tekīyya al-Sulaymānīyyā et l'avenir de la Syrie chérifienne
Suq al-Ḥamīdīyyā: Histoire Officieuse
La Mosquée des Umayyādes ne parvient pas à impressionner Madame Harry
No comments:
Post a Comment