Tuesday, July 20, 2021

جنّة الإسلام

 


اخترت كلمة "جنّة" عوضاً عن "حديقة" أو "بستان لتعريب عنوان الأديبة  الفرنسيّة السيّدة Myriam Harry عن دمشق وأعتقد بعد قراءة كتابها الصادر عام ١٩٤٨ أنّ ما قصدته بكلمة jardin هو الجنّة أو الفردوس لوصف المدينة الشرقيّة العريقة التي أحبّتها وافتتنت بها.   


زارت المؤلّفة دمشق ثلاث مرّات بداية من عام ١٩٢٠ والعهد الفيصلي وكانت زيارتها الأولى على الأقلّ بتكليف من الجنرال غورو Henri Gouraud الذي أوكل إليه مهمّةً أو مهامّاً ديبلوماسيّة معيّنة قابلت في سبيلها عدداً من أرفع الشخصيّات في سوريّا وقتها بداية بالأمير - الملك إذا شئنا - فيصل ابن الحسين. سيأتي ذكر أهمّ هذه اللقاءات في حينه. 


لم تذكر المؤلّفة اسم الفندق الذي نزلت به عام ١٩٢٠ ولكنّه على الأرجح فيكتوريا الكبير Grand Hôtel Victoria الذي "أطلّت إحدى واجهاته على بردى والثانية على الصالحيّة وحيّ اسطمبول الجديد". لهذا الفندق درج رخامي طويل وبهو معمّد وإنارة من السقف. تلى ذلك وصف لغرفة الطعام والأثاث. مالك الفندق عجوز ثمانيني عملاق نصف أعمى من دالماتيا (كرواتيا) متزوّج من سوريّة شابّة يحجبها عن الأنظار. المحاسبة ألمانيّة تدّعي أنّها تشيكوسلوفاكيّة (خوفاً من العواقب بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالميّة الأولى) أمّا الندل (الجرسونات) فلبنانيّون. 


لدينا - علاوة على الموقع - قرائن إضافيّة أنّ الكلام عن فندق فيكتوريا الكبير في نزلائه وزوّاره المتميّزين ومنهم الدكتور عبد الرحمن الشهبندر وسلطان باشا الأطرش ومدير الترام البلجيكي ومهندس مساقط بردى الفرنسي وموفد صهيونيّ من القدس. من الصعب تخيّل مجموعة كهذه في فندق آخر في ذلك الوقت.  


زارت السيّدة Harry دمشق للمرّة الثانية في مطلع الثلاثينات ولم تجد هذه المرّة شواغراً فيما أسمته "فندق المتآمرين"  Hôtel des Conspirateurs (فيكتوريا الكبير ؟!) فنزلت بالتالي في فندق الشرق Hôtel d'Orient الذي كان أقلّ روائيّةً وإن شفعت له حديقة ورود وفسقيّات وقاعة salle غير مسقوفة (أعتقد أنّها تقصد الصحن السماوي) حيث تتدلّى ثمار البرتقال من غصون الأشجار. على الأغلب فندق الشرق هذا هو فندق خوّام (أو فندق دميتري في موقعه الجديد) لصيق فندق فيكتوريا الكبير من جهة الشمال. 


أمّت Harry دمشق للمرّة الثالثة والأخيرة في ربيع عام  ١٩٣٩ أقامت فيها لفترة وجيزة في فندق Hôtel Orient Palace قصر الشرق الحديث (على عكس الفندقين السابقين لا يزال قصر الشرق موجوداً إلى اليوم) مقابل محطّة الحجاز حيث أطلّت غرفتها على بستان النعنع والتكيّة السليمانيّة من جهة وبردى والسرايا الجديدة من جهة ثانية.   


للحديث بقيّة.




مريام هاري في دمشق



Myriam Harry


Stefan Weber. Ottoman Modernity and Urban Transformation 1808-1918. Proceedings of the Danish Institute in Damascus V 2009. 


No comments:

Post a Comment