Friday, July 2, 2021

جامع منجك - الأقصاب

 


يتعيّن عدم الخلط بين هذا الجامع الواقع خارج باب السلام في العمارة البرّانيّة وبين جامع منجك في حيّ الميدان. كلاهما مملوكي نسبة إلى الأمير ناصر الدين محمّد بن إبراهيم بن منجك الذي جدّد الأوّل في حيّ العمارة عام ٨١١ (١٤٠٨-١٤٠٩ للميلاد) وبنى الثاني في الميدان الوسطاني حوالي ذلك التاريخ. 


يعرف الجامع قيد الحديث أيضاً تحت تسمي جامع السادات أو الزينبيّة وندين بأوّل وصف مفصّل مع المخطّط إلى الألمانييّن Wulzinger & Watzinger (صفحة ٨٧-٩٢ من تعريب قاسم طوير) اللذان أثارا احتمال كونه في الأصل كنيسة بيزنطيّة basilica استناداً إلى توزيعه وأعمدته وتوصّلا إلى نتيجة مفادها أنّ الأعمدة التي تقع قواعدها تحت أرضيّة الرواق لا تزال في مكانها الأصلي وأنّ بعض مكوّنات الكنيسة موجودة تحت مستوى الأرض الحالي (أي في العقد الثاني للقرن العشرين عندما أجريا دراستهما الميدانيّة).





سواءً كان الجامع في الأصل كنيسة أم لا فلا يوجد مجال للشكّ أنّ شطراً لا بأس به من مواد بنائه أخذ من أوابد سابقة للإسلام كما نرى في الصورة الملحقة عن Herzfeld وبعض تيجان أعمدتها. 


أضف إلى ذلك أنّ مسجد (وليس جامع) الأقصاب في ذلك المكان سابق للأمير منجك والعهد المملوكي كونه مذكوراً في وقف المدرسة المسماريّة (نسبة للشيخ مسمار الهلالي الذي مات عام ٥٤٦ للهجرة = ١١٥١-١١٥٢ للميلاد)  



D'après Gérard Degeorge



جدّد الجامع أكثر من مرّة في تاريخه الطويل بما في ذلك مئذنته التي قرأ W & W على أحد الأعمدة الصغيرة الحاملة لنوافذها الكتابة التالية (لا أعلم ما درجة دقّة هذه القراءة): 


هذا قبر المرحوم مصطفى آغا

ابن أحمد آغا (شيزري) توفّي إلى

رحمة الله تعالى في شهر 

ربيع الأوّل سنة من فتح عليه وألف 

١١٠٤ (*)

لا سمح الله


(*) الموافق تشرين ثاني ١٦٩٢ للميلاد.


من الواضح أنّ الحجر الذي يحمل تاريخ هذه الكتابة مأخوذ من مكان آخر ولكنّه مع ذلك بالغ الأهميّة من الناحية التأريخيّة إذ يترتّب عليه كون المئذنة كما عاينها المستشرقان تعود إلى هذا العام على أحدث تقدير. 






أرفق ضمن ثبت المراجع رابطاً عن الأستاذ موفّق دغمان وموسوعة الآثار في سورية فيه وصف معماريّ يعطي المزيد من التفاصيل اقتبست عنه المخطّط المعدّل مع مقطعين توضيحييّن. 


ختم العلبي بالقول أنّ هذا الجامع أحد جوامع دمشق الثمانية الكبرى (قبل العثمانييّن) التي شملت إضافة إليه جامع التوبة (العقيبة) وتنكز (حكر السمّاق المعروف حاليّاً بشارع النصر) ويلبغا (ساحة المرجة في محلّة تحت القلعة قديماً) والحنابلة (الصالحيّة) والمصلّى (مصلّى العيدين قديماً في محلّة باب مصلّى) والدقّاق (أو الجامع الكريمي أو جامع القبيبات في الميدان الفوقاني) وجامع منجك (في ميدان الحصى قديماً أو الميدان الوسطاني). يمكن أن نضيف إلى هذه القائمة جامع جرّاح خارج الباب الصغير. 


تقع جميع هذه الجوامع خارج سور دمشق أمّا داخل السور فلدينا الأموي ليس غير وكلّ ما تبقّى مساجد حتّى نهاية العهد المملوكي (مع العهد العثماني تلاشى بالتدريج التمييز بين الجامع والمسجد). نجم بناء الجوامع الكبرى خارج السور عن حاجة الأرباض - التي تحوّلت شيئاً فشيئاً إلى شبه مدن مستقلّة - إلى دور عبادتها الخاصّة حيث تقام صلاة الجمعة (فارق أساسيّ ميّز قديماً الجامع عن المسجد) وتتمركز حياة الأهالي ليس فقط الدينيّة وإنّما أيضاً التجاريّة والاجتماعيّة والسياسيّة.



D'après Jean Sauvaget



أكرم حسن العلبي. خطط دمشق. دار الطبّاع ١٩٨٩


موفّق دغمان. موسوعة الآثار في سورية: الأقصاب مسجد


لآثار الإسلاميّة في مدينة دمشق. تعريب قاسم طوير


جامع الأقصاب







Gérard Degeorge. Syrie: Art, Histoire, Architecture


Ernst Herzfeld. Ars Islamica 1948



Karl Wulzinger Carl Watzinger. Damaskus, die Islamische Stadt. Walter de Gruyter 1924.

No comments:

Post a Comment