ركّز الدكتور عبد القادر ريحاوي في كتاب العمارة العربيّة الإسلاميّة على بعض الأوابد التي اعتبرها ممثّلة للخصائص الفنّيّة والعماريّة في عهدها: البيمارستان النوري كنموذج للأبنيّة الأتابكيّة والمدرسة العادليّة الكبرى لخليفتها الأيّوبيّة والمدرسة (الخانقاه) الجقمقيّة للعصر المملوكي والتكيّة السليمانيّة للعثماني.
استرعت الخانقاه الجقمقيّة انتباه المستشرق الفرنسي الرائد Jean Sauvaget منذ مطلع ثلاثينات القرن الماضي على الأقلّ ليس فقط كمنشأة مملوكيّة نموذجيّة وإنّما كمثال حيّ على غلواء الفنّ المملوكي إلى درجة الابتذال. الأسطر التالية تعريب لما قاله في هذا الصدد ويمكن الرجوع للنصّ الفرنسي في منشور مستقلّ:
"تزايدت أهميّة الأبلق المرصّع بالرخام الأحمر والأبيض والرمادي بسرعة مثيرة للقلق وغزا الواجهة بكاملها. نرى على هذه الواجهة أيضاً شرائط طويلة لنقوش كتابيّة تتميّز برشاقة وأناقة أحرفها وهي بدعةً مستحدثةً في الزخرفة التي اعتبرت بعد فترة قصيرة أقلّ بهرجةً من المطلوب وأضيف إليها القاشاني الأزرق الفيروزي. بلغ الإهمال في أواخر العهد المملوكي إلى درجةٍ الاستعاضة عن الحجر بالجصّ المنحوت للترصيع وثبّت هذا الجصّ في الجدران بواسطة حزوز سطحيّة.
لم يقتصر استعمال الأبلق على الواجهة بل تعدّاه إلى الداخل حيث حلّ محلّ الزخارف المنحوتة الصعبة التنفيذ والتي تتطلّب من الوقت والحسّ الفنّي ما هو أبعد ما يكون عن روح ذلك العصر. ستغطّى الجدران من الآن فصاعداً بصفائح الرخام الملوّنة التي تحمل نماذج هندسيّةً في غاية التعقيد. يسمح هذا النوع من التنفيذ بإنتاج بالجملة ويمزج أكبر عدد ممكن من المكوّنات بحدّ أدنى من الدراسة والتخطيط. غطّت الألوان الفاقعة مصاريع الأبواب والخشبيّة والأسقف المسطّحة التي حلّت محلّ القبوات. أضف إلى كلّ ذلك الزجاج الملوّن وصفائح الشبه النافرة أو الغائرة والفسيفساء والقاشاني وكأنّ البنّاء لا يشبع من الأصبغة مهما كثرت وتعدّدت".
تعود الصورة الملحقة عن Herzfeld إلى مطلع القرن العشرين وتظهر فيها مئذنة العروس والجدار الشرقي للجقمقيّة (على يمين الناظر).
عبد القادر ريحاوي. الحوليّات الأثريّة السوريّة المجلّد العاشر ١٩٦٠.
عبد القادر ريحاوي. العمارة العربيّة الإسلاميّة الطبعة الثانية دار البشائر ١٩٩٩.
غزوان ياغي. موسوعة الآثار في سورية.
أكرم حسن العلبي. خطط دمشق. دار الطبّاع ١٩٨٩
الآثار الإسلاميّة في مدينة دمشق. تعريب قاسم طوير
عبد القادر بدران. منادمة الأطلال ومسامرة الخيال
المدرسة الجقمقيّة كنموذج للفنّ المملوكي
الخانقاه الجقمقيّة: النصّ التأسيسي
Jean Sauvaget. L'architecture musulmane en Syrie. Revue des arts asiatiques 1934
Karl Wulzinger & Carl Watzinger. Damaskus, die Islamische Stadt. Walter de Gruyter 1924.
No comments:
Post a Comment