توقّفت عربّة القنصل الفرنسي والأديبة الفرنسيّة Myriam Harry في نهاية دخلة اختبأت في طيّاتها - كما هي القاعدة في كافّة بيوتات الشام الباذخة - دار "ملك الأكراد". البناء حديث ومبتذل الطراز من الرخام الأبيض الذي ينوء تحت الترصيع وألواح الرخام الملوّن. تتلألأ القاعة بالصدف والدمقس من جميع الأصناف. الباشا مربّع الرأس والأكتاف عيناه عسليّتان يعتمر طربوشاً ويكسوه معطف لا تشوبه شائبة وحوله سادةُ لا يقلّون عنه أناقةً.
العشاء - على الطريق الفرنسيّة - في ردهة فسيحة زاهرة مضاءة وشديدة البرد. أشرف على تحضير الطعام عدد لا علم لي به من طهاةٍ أتوا من مختلف البلاد أمّا عن الأطباق فبلغ عددها سبعاً وثلاثين - يخال المرء أنّه جالس على مائدة لويس الرابع عشر -. تتابعت هذه الأطباق الواحد بعد الآخر موزّعة على دفعتين يفصل بينهما نوع من الشراب الكردي بالنعنع لتأتي الدفعة الثانية بنفس السرعة: ثمانية عشر طبقاً منها المفلفل والمحلّى بالسكّر والمطيّب استعملت فيها كافّة الصلصات وجميع أنواع المحشي. لا يوجد أي فرق بين هذه الأطباق الثماني عشرة وبين أطباق الدفعة الأولى على الإطلاق إلّا كونها تخدم بطريقة عكسيّة: الخضار والمشوي والأسماك والثريد إلى أن يأتي مسك الختام المدعو كشك الفقراء وهذا الأخير أكلة وطنيّة من الحليب السميك المغطّى بالفستق الحلبي. من المستحيل أن لا يقدّم الباشا كشك الفقراء إلى ضيوفه وهذه البادرة وفاء منه وذكرى لأصله الرعوي المتواضع.
بقي أن نصطحب Madame Harry في زيارتها إلى حراملك عبد الرحمن باشا.
الصورة عن Keenan و Beddow.
عبد الرحمن الشهنبدر والتكيّة السليمانيّة ومستقبل المملكة السوريّة
Myriam Harry. Damas, jardin de l'Islam. J. Ferenczi & Fils 1948.
T.E. Lawrence. Seven Pillars of Wisdom
Brigid Keenan & Tim Beddow. Damascus: Hidden Treasures of the Old City. Thames & Hudson 2000.
ʿAbd-ar-Raḥmān aš-Šahbandar, al-Tekīyya al-Sulaymānīyyā et l'avenir de la Syrie chérifienne
Suq al-Ḥamīdīyyā: Histoire Officieuse
La Mosquée des Umayyādes ne parvient pas à impressionner Madame Harry
Où est passé al-Muṣḥaf al-ʿUthmānī?!
No comments:
Post a Comment