"داخل باب الصغير شمالي السور على كتف نهر قليط بالزقاق الآخذ إلى باب الجابية أنشأها الشيخ محمّد ابن الشيخ خليل الصمادي في سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة". هكذا بدأ عبد القادر النعيمي نبذته عن هذه الزاوية العثمانيّة (يوافق التاريخ الهجري ١٥٢٥-١٥٢٦ للميلاد) التي ذكر فيها سبيلاً وبركة تستمدّ مياههما من القنوات.
كان الشيخ الصمادي الشافعي القادري من الأولياء وأصحاب الكرامات واجتمع بالسلطان سليم الأوّل الذي أحبّه وأكرمه. وافت هذا الشيخ المنيّة عام ٩٤٨ (١٥٤١-١٥٤٢ م) وترك ثمانية عشر ولداً. اشتهر أتباع هذه الطريقة الصوفيّة بدقّ الطبول في حلقات الذكر ولم يستسغ البعض هذه البدعة وإن أفتى البعض الآخر بجوازها (الغزّي في الكواكب السائرة) أمّا عن الشيخ الحنبلي عبد القادر بدران (صفحة ٣٨٢ من منادمة الأطلال) فقد استنكرها وسخر من رواية الطبل الذي حرّك ودقّ نفسه بنفسه بعد أن منع أحد الحكّام هذه الممارسة.
ذكر طلس (صفحة ٢٣٦-٢٣٧) هذه الزاوية تحت تسمية مسجد الصماديّة وحدّد موقعها في الشاغور كما أورده النعيمي وأضاف وصفاً مختصراً مفيداً لها "وللمسجد جبهة غربيّة من حجارة سود وبيض فيها شبّاكان إلى القبليّة وباب فوقه لوح قاشاني يدخل منه إلى صحن لطيف مفروش بالموزاييك وفي شماليه باب يظهر أنّه باب دار سكن الشيخ التي أشار إليها العلموي وقد دثرت وإلى جانبها غرفة فيها أربعة أضرحة من الخشب للصمادي وأحفاده أمّا القبليّة فتقوم على أربعة أقواس من الحجر الأسود والأبيض وفوقها قبّة فيها ٢٤ كوّة ومن تحتها محراب لطيف فوقه زخارف وكتابات قاشانيّة هذا نصّها: "جدّد عمارة هذه الزاوية المباركة سلطان البحرين والبرّين خادم الحرمين الشريفين السلطان ابن السلطان السلطان إبراهيم خان ابن السلطان أحمد خان خلّد الله ملكه وأجرى في بحار السعادة فلكه بجاه سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم وذلك بسعي مولانا الشيخ إبراهيم بن الشيخ مسلم الصمادي خادم السادة القادريّة سنة ١٠٥٤" أي ١٦٤٤-١٦٤٥ للميلاد.
الصورة عن العلبي وألحقت بها صورة للمئذنة التقطها قتيبة الشهابي (صفحة ٤٩١ من "مآذن دمشق") في شتاء ١٩٩١. تاريخ المئذنة غير معروف وهي على الأرجح أحدث بكثير من الزاوية.
ختم العلبي بالقول أنّها اليوم (أي ١٩٨٩) مصلّى كبير في إيوانه الشمالي أربعة قبور ولا يمارس فيها شيء من عادات الصماديّة وهي مركز لجمعيّة الشاغور الخيريّة.
هناك وصف معقول لهذه الزاوية وتوزيعها وأبعادها في موقع مديريّة أوقاف دمشق مع عدد لا بأس به من الصور الملوّنة الحديثة ولكنّه لا يشمل مخطّطاً أو مساقطاً مع الأسف ولم أنجح في العثور عليها في مكان آخر.
أكرم حسن العلبي. خطط دمشق. دار الطبّاع ١٩٨٩
عبد القادر النعيمي. الدارس في تاريخ المدارس
عبد القادر بدران. منادمة الأطلال ومسامرة الخيال
No comments:
Post a Comment