علّ أحد أقدم وصف لهذا الخان في المصادر الغربيّة - إن لم يكن أقدمها على الإطلاق - ما كتبه الصحفي البريطاني James Silk Buckingham (١٧٨٦-١٨٥٥) في رحلة قام بها عام ١٨١٦. لم يذكر المستشرق الخان بالإسم ولكنّ الوصف لا يترك مجالاً للشكّ في كون المقصود خان أسعد باشا. أنقل في الأسطر التالية تعريباً للنصّ الأصلي.
الخانات من أجمل مباني دمشق وهي مخصّصة لاستقبال البضائع التي تأتي بها قوافل تجّار الجملة من كلّ الأصقاع ليتزوّد بها تجّار التجزئة. قمنا بزيارة عدد منها اليوم خلال تجوالنا وسررنا بما رأيناه في جميعها وإن لفت انتباهنا خصوصاً أحدها الذي تميّز بجماله عن البقيّة دون استثناء. أنجزت عمارة هذا الخان على أكمل طرز فنون السراسنة (*) ويمكن اعتباره نموذجاً لأفضل أعمال ذلك العهد في دمشق.
يتألّف المبنى من صحن مركزيّ فسيح يتمّ الدخول إليه من الشارع عبر بوّابة رائعة مدبّبة العقد مسقوفة بقبوة وشديدة الغنى بالزخارف النحتيّة. الصحن مبلّط بأكمله بحجارة عريضة مسطّحة صقلت بمنتهى العناية وجمع بعضها مع البعض الآخر بإتقان مثير للإعجاب. يتوسّط الصحن نافورة كبيرة ينجبس منها رذاذ مرطّب ولطيف. يسقف الخان مجموعة من القباب العالية أمّا جدرانه فتتناوب فيه الحجارة البيضاء والسوداء وهي سمة مميّزة لأذواق السراسنة والأتراك. الزخارف غنيّة للغاية وتوزيع الضوء خلال القباب منظّم بعناية فائقة إلى درجة أنّه لا توجد زاوية مظلمة في أيّ من أركان البناء.
سحرتنا هذه العيّنة الممثلّة لأوج مجد عمائر السراسنة ممّا دفعنا إلى إطالة زيارتنا لها فكانت خاتمة نزهتنا في ذلك اليوم.
(*) السراسنة Saracens تسمية أطلقها الأوروبيّون في القرون الوسطى ومطلع القرون الحديثة على أهل الشرق الأدنى خصوصاً المسلمين.
الصورتان عن العلبي.
أكرم حسن العلبي. خطط دمشق. دار الطبّاع ١٩٨٩
Gérard Degeorge. Damas: Des Ottomans à nos jours. L'Harmattan (1994).
No comments:
Post a Comment