Sunday, April 17, 2022

بيوت السقيلبيّة

 


تتكدّس البيوت في القسم المرتفع من القرية وتقلّ مساحة صحنها إلى بضعة أمتار مربّعة باستثناء الدور الموسرة. قد يكون الصحن صغيراً ولكنّه موجود في الغالبيّة العظمى من المنازل. عدد الغرف قليل وتكتفي العائلات الفقيرة بردهة مستطيلة تخصّص إحدى زواياها لتخزين المحروقات التي هي عن عبارة عن كعكات من الزبل الذي يستعمل في الشتاء. تقتصر بيوت العائلات الأكثر بحبوحة (أي التي تملك بعض الأبقار كمصدر ثروتها) أيضاً على غرفة واحدة يقسمها صفّ من مخازن الغلال إلى قسمين أحدهما للبشر والثاني للدوابّ. لا نرى فصلاً تامّاً إلّا في دور العائلات الغنيّة نسبيّاً وفي هذه الحالة يكون لكلّ من القسم السكني والإصطبل بابه المستقلّ على الباحة


تقنيّة البناء بدائيّة يستعمل فيها الطوب أو اللبن brique crue من القطع الكبير مع كسوة من عجين الطين والقشّ. تغطّى تخشيبة الأسقف بالأغصان. الشبابيك امتياز خاصّ للعائلات الثريّة وعادة ما يتصاعد الدخان بين شقوق السطح أو عبر حفر في أعلى الجدران خصّصت لهذا الغرض. الفرن في الباحة حيث تحضّر النساء رقاق الخبز ويكوّم الزبل في كعكات ونرى أيضاً خلايا نحل أسطوانيّة الشكل معمولة من الطين. 



المساحة المتوافرة لبناء البيت عزيزة وبالتالي القرية مكتظّة بالبيوت تكاد أسطحها أن تلتصق وتكفي درجة أو سلّم رديء للانتقال من أحدها إلى الآخر. ندر أن يتجاوز عرض أفسح الأزقّة المترين. تتعرّج هذه الدروب بين الأبنية وتتحوّل في الشتاء إلى حمأة من الوحل تعيق تنقّل الدوابّ على مدار اليوم. هناك ساحة صغيرة في منتصف المصطبة أعلى التلّ قرب الكنيسة وهي ما يعتبره الأهالي سوقاً إذ يحتوي على بعض الحوانيت من الحلّاق إلى البقّال والنجّار وهلمّجرّا. نعاين عرزالاً belvédère بين الحين والحين يتجمّع السكّان لديه في المساء. تجمع النفايات والزبل قرب هذه الفسحات كما يتمّ التخلّص منها برميها على المنحدرات وهكذا نرى على بعض سفوح التلّ آكاماً من القاذورات والقشّ المتعطّن. 


بنيت قرية حديثة على سفح التلّ باتّجاه الجنوب وحاليّاً (أي عام ١٩٣٦ عندما كتب Thoumin) يقطنها قرابة ثلث سكّان السقيلبيّة. توسّعت هذه القرية الجديدة دون مراعاة للاعتبارات الدفاعيّة بفضل الأمن المستتبّ في ظلّ الانتداب الفرنسي. تترجم زيادة عدد السكّان إلى الحاجة لمزيد من الأرض المخصّصة للعمران. صحيح أنّ وفيّات الأطفال تلغي التكاثر السكّاني أو تكاد بيد أنّ هجرة العائلات المسيحيّة من بعض القرى النصيريّة خلال الخمسين عاماً الأخيرة عوّضت عن ذلك. تسارع هذا النزوح أثناء الحرب العظمى (أي الحرب العالميّة الأولى). 


أدّى اكتظاظ التلّ إذاً إلى البناء على سفحه بمجرّد أن سمحت الظروف بذلك. تجنّبت البيوت الحديثة الوادي المنحدر تجاه الغاب والأراضي الواطئة - النصف اصطناعيّة - التي تفصل التلّ عن منحدرات الهضبة واختارت كبديل الأراضي الواقعة إلى جنوب التجمّع السكّاني القديم. لا تقدّم الدور الجديدة من وسائل الراحة أكثر ممّا قدّمته سابقاتها باستثناء كون ردهاتها وخصوصاً باحاتها أكبر مساحةً.  


تعطي السقليبيّة ومحردة رغم الفروقات بينهما نفس الانطباع كقرىً استقرّ سكّانها في الموقع ذاته منذ أقدم العصور وتكيّفو مع الظروف البيئيّة. هاتان القريتان غنيّتان مقارنة مع قرى المستنقعات ومستوطنات بدو الموالي ويدهش زائر الغاب وهضبة حماة عندما يرى بأمّ عينه حياة سكّانهما المسيحييّن ببهجتها ومسرّاتها. يمكن لعابر السبيل على الدرب الآتي من الساروت أن يسمع الغناء الجماعي لشبيبة محردة في أماسي الأحد أمّا في السقليبيّة فيعتلي السكّان أسطحتهم قرب المساء ويثرثرون ويلعب الأطفال بينما يتبارى الشباب في استعراض قوّتهم ومهاراتهم أمام الفتيات.







قرى الغاب القديمة: الخلفيّة التاريخيّة 


سكّان الغاب في مطلع القرن العشرين


محردة


السقيلبيّة







Richard Lodoïs Thoumin. Le Ghab. Revue de Géographie Alpine 1936 pp. 467- 538


Sqaylbīya: la maison





No comments:

Post a Comment