Sunday, April 10, 2022

الغاب بين الهلال والصليب: العهد البيزنطي

 


مع رحيل البيزنطييّن تحوّل الغاب من طريق للقوافل إلى منطقة حدوديّة أو ما أطلقت عليه تسمية الثغور في الأدبيّات الإسلاميّة. توقّفت الحروب الخارجيّة لوهلة بسبب خلاف الأيقونات في بيزنطة من جهة والصراع على السلطة في الفترة الانتقاليّة من العهد الأموي إلى العبّاسي من جهة ثانية بينما تفشّت الغزوات والسطو في كيليكيا ووديان طوروس. تأجّج الصراع الدولي مجدّداً عندما أمسك رجال جدد زمام السلطة لينصّبو أنفسهم حماةً للهلال أو الصليب كما في حالة الأباطرة المقدونييّن ضدّ الأمراء الحمدانييّن وكانت الحروب سجالاً بين الروم والمسلمين إلى أن سيطر نقفور الثاني (غير "نقفور كلب الروم" في السرديّات العبّاسيّة عن هارون الرشيد) على سوريّا الشماليّة وكانت النتيجة أن استرجع البيزنطيّون أنطاكيا لقرن ونيّف (٩٦٩-١٠٨٥ للميلاد). احتلّت جيوش الروم شيزر ونهبت حماة وأحرقت حمص وعرّجت على الساحل السوري ومدّ الجنرال ليو فوكاس لفترة سلطة القسطنطينيّة إلى السلميّة على تخوم البادية أمّا الإمبراطور يوحنّا زيمسكي فقد أعمل السلب في بيروت وهدّد دمشق. لم يقف المسلمون مكتوفيّ الأيدي أمام التحدّي البيزنطي إذ نجح الفاطميّون في هزيمتهم شرّ هزيمة في جسر الشغور عام ٩٩٤ هرع على إثرها الإمبراطور باصيل الثاني لمواجهتهم مجبراً المصرييّن على الانسحاب صوب الجنوب. تابع سيّد الروم زحفه إلى حمص ودخل بعلبك عام ٩٩٩ ولكن مع هذه المأثرة توقّف عهد الحملات العظيمة ولو إلى حين وامتصّت التناحرات الداخليّة حيويّة الحكّام أمّا الجبهات فقد هدأت باستثناء عمليّات السطو والغزو ومهاجمة عابريّ السبيل. 


شكّلت جسر الشغور وخصوصاً أفاميا وشيزر مواقع مفتاحيّةً في الصراع إذ يتعيّن لمن يروم تهديد أنطاكيا أن يستحوذ عليها أوّلاً. تهمين شيزر على الغاب الجنوبي ومعبر العاصي بينما يمكن مراقبة السهل والهضبة من أفاميا كونها النقطة الأكثر تقدّماً لجبل الزاوية. تحمي هذه المنطقة الجبليّة العسيرة على جيوش الفاتحين أنطاكيا من الجنوب والشرق في مواجهة البادية. 


أدّى انعدام الأمن إلى إهمال العناية بالطرقات والمنشآت العامّة في الوقت الذي انحطّت خلاله أفاميا على إثر الزلازل التي أصابتها وعلى نفس المنوال آلت بلدان السهل والهضبة إلى التداعي. ساهمت المستنقعات في حماية أنطاكيا ونزلت الفيضانات برداً وسلاماً عن المدافعين عنها إذ تعذّر على المسلمين العثور على طريق مباشر إلى العاصمة السلوقيّة العتيقة. 


تغيّرت أسماء أمراء العرب والروم - ومن تلاهم - خلال القرون اللاحقة دون أن يطرأ على الوضع العام تبدّل يستحقّ الذكر.




شطحة


سهل الغاب


سكّان الغاب




عن مسالك سوريّا قبل الإسلام







No comments:

Post a Comment