يمكن تعريف قرى مستنقعات الغاب حسب أصول سكّانها أو وفقاً لأهمّ خصائص حياتهم على البحيرة وهكذا نستطيع التعرّف على معدن هؤلاء البدو عن طريق مرافقتهم عبر المستنقعات ولدى فرارهم من الفيضانات وبالمشاركة في احتفالاتهم وترصّد سمك السلّور معهم والتعرّف على همومهم اليوميّة وأفراحهم ونوائبهم وأمراضهم... يتميّز بدو المستنقعات القدماء كما في جمّاسة والشريعة بشجاعتهم في قبول حياة فقر مدقع وهم - على عكس بدو الموالي في الجلمة - لا يعيشون على أمل العودة إلى قفار الحماد. لا يبذل بدو الموالي الذين يعملون لحساب الحموييّن في حراثة الأرض أدنى جهد لتحسين ظروفهم المعيشيّة في مكان إقامتهم وتقتصر جهودهم على محاولة جمع قطيع للرحيل به نحو الشرق. بالمقابل لا يرى أهل جمّاسة وعديّات بدبلاً عن حياتهم في المستنقعات حيث يكدّون للحصول لأنفسهم وذويهم على حدّ أدنى من أسباب الرفاه ويكافحون عوامل الطبيعة لجني الضرورات الغذائيّة ويعوّضون عن جهلهم بالتقنيّات الحديثة بحميّةٍ ودأب لا يتناسبان مع النتائج المأمولة على الإطلاق. اشترك بدو المستنقعات مع الموالي في جهل كليهما لكلّ ما يتعلّق بفنون البناء باستثناء الحفر المغطّاة بالأعشاب الجافّة على غرار الموجودة قرب الفرات. نقل الموالي هذا الأسلوب كما هو إلى الغاب بيد أنّ الحفر على ضفاف المياه الراكدة لم يكن ممكناً لبدو المستنقعات.
الصورة الملحقة للشريعة في منتصف ثلاثينات القرن العشرين.
للحديث بقيّة.
ما الذي دفع البدو إلى استيطان إقليم الغاب؟
Richard Lodoïs Thoumin. Le Ghab. Revue de Géographie Alpine 1936 pp. 467- 538
No comments:
Post a Comment