طلب (أو طالَبَ إذا شئنا) فيصل ابن الحسين الحلفاء المنتصرين في مؤتمر السلام في پاريس بمملكةٍ مترامية الأطراف أين منها "الوطن القومي" الصغير الذي تعّهد الوزير بلفور للّورد روتشيلد نيابةً عن بريطانيا ببذل قصارى جهد حكومة جلالته لإقامته لليهود في فلسطين (صدر تصريح بلفور في الثاني من تشرين ثاني نوڤمبر عام ١٩١٧).
حدّد فيصل - نيابةً عن أبيه - في التاسع والعشرين من كانون ثاني عام ١٩١٩ البلاد الناطقة بالعربيّة بالأقاليم بين اسكندرون ودياربكر شمالاً والمحيط الهندي جنوباً مطالباً باستقلاله تحت رعاية عصبة الأمم واستناداً إلى نقاط الرئيس الأميركي ويلسون الأربع عشرة بما فيها حقّ تقرير الشعوب مصيرها. أضاف فيصل تحفّظاً يتعلّق بالحجاز الذي كان مستقلّاً آنذاك وآخر يتعلّق بعدن، محميّة بريطانيا تاركاً رسم الحدود النهائيّة لاتّفاقيّاتٍ مستقبليّة.
الخريطة الأولى الملحقة تغني عن الوصف المفصّل ونرى فيها بوضوح المملكة السوريّة كما تصوّرها فيصل والتي تشمل سوريّا الحاليّة ولبنان وفلسطين وشرق الأردنّ ومناطق في تركيّا اليوم.
لا يختلف تصوّر فيصل عن عدوّه اللدود الدكتور جورج سمنة الشيء الكثير باستثناء أنّ هذا الأخير استغنى عن الجزيرة العربيّة جملةً وتفصيلاً على اعتبار أنّ السورييّن ليسوا عرباً "مكتفياً" بدولة اتّحاديّة (فدراليّة) تشمل سوريّا فيصل والموصل (يمكن قراءة كتابه "سوريّا" بالمجّان بالنقر هنا). الفرق الجوهري بين الإثنين أنّ فيصل اعتمد على الإنجليز لتحقيق طموحاته بينما وضع سمنة - الذي عشق فرنسا أكثر من الفرنسييّن - آماله في هيام پاريس بسوريّا ونزاهتها وتجرّدها وإيثارها.
من البدهي أنّ أولويّات فرنسا وبريطانيا مختلفة ومن ناحيتي لا أشكّ في وجود فرنسييّن متعاطفين مع سمنة وبريطانييّن راغبين بالفعل في مساعدة فيصل بيد أنّ الطريقة الوحيدة لتحقيق حلم هذا أو ذاك ستترجم حكماً إلى مجابهةٍ بين القوّتين العظميين ومن المستبعد أن تُغرَم أيّ منهما بسوريّا (أو الناطقين باسمها) إلى درجة الدخول في حربٍ مع حليف الأمس في سبيلها.
الخريطة الثانية لسوريّا الانتداب، قبل اقتطاع لواء اسكندرون طبعاً.
No comments:
Post a Comment