أُقيمَ احتفالٌ رائعٌ في السويداء في الوقت الذي تمركزت فيه حاميةٌ جديدةٌ في شهبا ونُظِّمَت قاعدةٌ للإمداد استعداداً للحملات في وادي اللواء أوّلاً ثمّ المقرن الشرقي. الاحتفال بمناسبة تدشين سكّة حديد ضيّقة (ستّة أعشار المتر)، من قِبَل سلاح الهندسة العسكريّة الفرنسي، الهدف منها ربط العاصمة الدرزيّة بمحطّة خربة غزالة على خطّ دمشق - فلسطين.
صادفت عودة القوّات الفرنسيّة إلى الجبل معضلةٌ تمثّلت بصعوبة تأمين إمدادها وتموينها. تمّ تجهيز قوافل من العربات والشاحنات والحيوانات لهذا الغرض بيد أنّها تطلّبت أربعة أيّام لتَحرُّكِ كلٍّ منها ممّا أخّر العمليّات العسكريّة إلى درجةٍ كبيرة. إزاء هذا الوضع المؤسف، قرّرت رئاسة أركان جيش المشرق، غداةَ عودتِها إلى السويداء، إنشاءَ سكّة حديد عرضها ستّة أعشار المتر بغيةَ وصل عاصمة الإقليم مع الخطّ الكبير (١).
باشرت الهندسة العسكريّة العمل على قدمٍ وساق بمنتهى المواظبة إلى درجة أنّ هذا الخطّ الصغير بلغ العاصمة، التي بُنِيَت فيها محطّةٌ لهذا الغرض، في فترةٍ لم تتجاوز الثلاثة أشهر. يمكن اليوم - بفضل هذا الخطّ - أن تُقضى المهمّة التي تطلّبت أربعة أيّام في ماضٍ قريب، خلال نصف يوم. أُنْجِزَ هذا العمل الكبير على أيدي مفرزة من سلاح الهندسة وسريّتين compagnies من وحدات المناوشة السوريّة التي زوّدت المشروع باليد العاملة دون أي عون آخر. هذا الجهد البديع شرفٌ لكلّ من ساهم فيه والسويداء اليوم، بفضلِهم، مركزُ حياةٍ يزخرُ بالنشاط بعد كانت معزولةً في جَبَلِها. يصعب على الدروز من الآن فصاعداً الإصرار على الادّعاء القائل أنّ فرنسا تسعى إلى خرابِ بلادهم.
الصورة الملحقة لمحطّة قطار خربة غزالة عام ١٩٢٨.
(١) المقصود بالخطّ الكبير وخطّ دمشق - فلسطين، الخطّ الحديدي الحجازي وملحقاته.
No comments:
Post a Comment