Tuesday, September 12, 2023

حمزة درويش

 


الثالث من تمّوز يوليو ١٩٢٦. 


تنتمي الحريسة إلى الشيخ حمزة درويش الذي دخل في طاعة فرنسا في التاسع عشر من حزيران يونيو الماضي. فوجئنا بعدم وجود الشيخ في بلدته اليوم وناب عنه ابنه الذي استقبلنا في دار الأسرة ولكنّه أحجم عن الإدلاء بأي معلومات عن أبيه رغم إلحاحنا في السؤال.  


أخبرنا أحد الأنصار الدروز أنّ الشيخ لجأ إلى مغارةٍ تبعد كيلومترين عن القرية بعد إصابته بجرحٍ في ساقه خلال إحدى المعارك. استنتجنا أنّ غيابَهُ عن بيتِهِ يعني أنّ استسلامَهُ لم يكن صادقاً وشرعنا بالتالي في تجهيز مفرزةٍ من الخيّالة للذهاب والقبض عليه في الكهف الذي لاذ به. امتطى الفرسان المغاربة والأنصار جيادَهُم وكانوا على وشك الرحيل عندما لمحنا الشيخ آتياً من أحد الأزقّة بخطىً عرجاء ليمثل بين يديّ الجنرال Andréa ويضع نفسه تحت "رحمة فرنسا وعدالتها وكرمها". 


هذا الحَدَث من الأهميّة بمكان نظراً لمهابة الشيخ حمزة وكلمته النافذة في الجبل الذي يملك فيه أربعاً من القرى؛ أضف إلى ذلك ذكائه وإلمامه بالقضايا العامّة وشجاعته الأسطوريّة التي ذاع صيتها بين الدروز. أخلص حمزة للقضيّة الفرنسيّة قبل العصيان وكان موضع ثقة الحاكم Carbillet بيد أنّه كان من أوائل المنضمّين إلى المتمرّدين وخيرة أعوان سلطان ومستشاره المسموع الكلمة قبل أن يتخلّى عنه بعد جرحه.  


يعرف الشيخ حمزة الكثير إذ كان شاهداً على المفاوضات بين شيوخ الدروز والأجانب الداعمين للتمرّد. أراد أن يبرهن لنا عن حسن نيّته وإخلاصه في طاعته فأدلى بهذه العبارات الدقيقة والواضحة:


"يتلقّى الجبل الكثير من المال من شرق الأردنّ وفلسطين والقاهرة والهند وأمريكا وحتّى بعض المدن السوريّة الكبرى مثل دمشق وحلب وحمص وحماة. تُسْتَعملُ هذه النقود لدفع جُعالات المتمرّدين المنخرطين في العصابات ومساعدة عائلاتهم بيد أنّ سلطان والشهبندر ورشيد طليع وبعض الإقطاعييّن يستحوذون على حصّة الأسد منها ويقتسمونها فيما بينهم. لا تجري عمليّة التحاصص دائماً بنعومةٍ بل هي بالأحرى سببٌ للنقاش والنزاع وتبادل الاتّهامات بين زعماء العصاة وعلى سبيل المثال استاء عبد الغفّار باشا الأطرش مؤخّراً من ضآلةِ حصّتهِ فهدّد بالتخلّي عن القضيّة الثوريّة وإشهار طاعته لفرنسا."











Édouard Andréa. La Révolte druze et l'insurrection de Damas, 1925-1926. Payot, Paris 106 Boulevard St. Germain, 1937.

No comments:

Post a Comment