يرتبط اسم الجنرال هنري غورو في ذهن السورييّن بمعركة ميسلون واحتلال دمشق وفرض الانتداب الفرنسي عنوةً على البلاد. من البدهي أنّ صورة الرجل في بلاده مختلفة على طول الخطّ ولكن للأمانة لا بدّ من الإقرار بأنّ لفرنسا مؤيّديها في الشرق الأدنى وإلى اليوم كما تشهد أسماء عدد من شوارع بيروت: غورو وفوش وكليمنصو وديغول وغيرها.
نستأنف بعد هذه المقدّمة التعريب عن Andréa:
وصل الجنرال غورو إلى بيروت في الحادي والعشرين من تشرين الثاني نوڤمبر عام ١٩١٩، بعد أن عُيِّن مندوباً للجمهوريّة وقائداً أعلى لجيش المشرق، ليتسلّم مقاليد الأمور السياسيّة والإداريّة في البلاد بعد أن أخلاها الإنجليز.
عاد الأمير فيصل من فرنسا بعد أن فشل مجدّداً في الحصول على استقلال المنطقة العربيّة عندما نصحه البريطانيّون بمنتهى الحكمة أن يحاول التفاهم مع الحكومة الفرنسيّة. وصل الأمير إلى بيروت قادماً من البحر في الرابع عشر من كانون الثاني يناير عام ١٩٢٠ ووعد الجنرال غورو أن يعمل على وقف التحريض ضدّ فرنسا في سوريّا المسلمة.
مع ذلك لم يطرأ أي تغيير على الوضع بعد عودة الأمير إلى دمشق لا بل ازدادت الأعمال العدائيّة ضدّنا في وقت تعيّن علينا خلاله استلام مهامّ القوّات البريطانيّة دون أن نملك ما يكفي من الجنود إلى درجة أنّنا لم نستطع نشر كتيبةٍ في المحلّ الذي احتلّه فوج بريطانيّ.
كان وضعنا في المشرق آنذاك هشّاً إلى درجةٍ تدعو إلى القلق وقد رأينا كيف أخذ أنصار الشريف في الشرق - عوضاً عن أن يستمعوا إلى النصيحة التي أسداها البريطانيّون لأميرهم - بنظم صفوفهم وتسليح أنصارهم بغية حرماننا بالقوّة إذا لزم الأمر من تنفيذ المهمّة التي عُهِدت إلى الانتداب. هناك أيضاً مصطفى كمال باشا في الشمال الذي استغلّ الصعوبات التي جابهتنا ساعياً إلى إحياء الحسّ الوطني في شعبه وإلى تجهيز فرق نظاميّة وتنظيم عصابات مسلّحة من القروييّن في سبيل إرغامنا على إخلاء الأراضي التركيّة التي تمركزت فيها قوّاتنا.
No comments:
Post a Comment