احتفل شعب السويداء في الخامس من آب عام ١٩٢٣ بعيد استقلال الدولة الدرزيّة (١) وسط مظاهر الابتهاج. نُظِمَت استقبالاتٌ رسميّةٌ ترأّسها موفد المندوب السامي الذي أتي من دمشق. هرع شيوخ من زعماء الدروز وعدد كبير من رؤساء القرى وجماهير من الفلّاحين إلى العاصمة (٢) التي تضاعف عدد سكّانها في ذلك اليوم. أكثر المسؤولون الفرنسيّون من الملاهي والمسرّات كي تصبح هذه المناسبة في الجبل يوماً مشهوداً وأيضاً كي يرى الدروز بأعينهم أنّ فرنسا لا تريد لهم إلّا الخير. نجح العيد نجاحاً كبيراً وعمّ الرضى بين الناس. كان موفد المندوب السامي محاطاً بالضبّاط الفرنسييّن خلال مراسم الاستقبال عندما فُوجِىء بسلطان الأطرش يخطو نحوه. المفروض أنّ سلطان كان في شرق الأردنّ ومع ذلك فمن الواضح أنّه استطاع الوصول إلى العاصمة دون أن تدري به استخباراتنا و لا ريب أنّ ذلك كان بفضل تواطؤ ضمني من قِبَل بعض الأهالي لا حيلةَ لنا ضدّه.
حيّا سلطان ممثّلنا وطلب منه الأمان من عواقب قضيّة الأصلحة التي كلّفت الملازم Bouxin حياته.
وافق المفوّض الفرنسي على إعطاء الأمان المطلوب ولسنا هنا في مَعْرِض لومه. قد يتعيّن على المرء في سياق السياسات الاستعماريّة (٣) أن يبتلع كبريائه أحياناً في سبيل قضايا أكبر وأهمّ من الاعتبارات الآنيّة وهذا الوضع كان منطبقاً على الجبل في هذا اليوم بالذّات. مع ذلك اعتقد الكثيرون أنّه لا فائدة ترتجى من بادرة الحلم هذه بل هي على العكس ستزيد من هيبة سلطان وتسمح لهذا الإقطاعي المجرم الذي باع نفسه للأجانب (٤) بتصعيد دعايته المناوئة لفرنسا بين ظهرانيّ الدروز.
(١) تشكّلت الدولة الدرزيّة في الأوّل من أيار ١٩٢١ وسميّت دولة السويداء في الرابع من آذار ١٩٢٢. لا أعلم ما جرى في الخامس من آب ولكنّي نقلت نصّ الجنرال Andréa على علّاته.
(٢) العاصمة = السويداء.
(٣) مصطلح "الاستعمار" في أوروپا حتّى منتصف القرن العشرين على الأقلّ لم يكن سلبيّاً على الإطلاق.
(٤) المقصود "بالأجانب" الهاشميّون أو البريطانيّون أو الإثنان معاً.
No comments:
Post a Comment