Wednesday, June 7, 2023

لورانس وإمبراطوريّته العربيّة الكبرى

 


فيما يلي آراء الجنرال الفرنسي Andréa عن فيصل ولورانس كما كتبها عام ١٩٣٧ في "عصيان الدروز". 


خطّطت المخابرات البريطانيّة في القاهرة منذ ١٩١٥ لإنشاء إمبراطوريّة عربيّة مترامية الأطراف تمتدّ من مصر إلى فارس والهند برئاسة حسين ملك الحجاز وأبنائه الذين سيملكون تحت سيطرته في الجزيرة العربيّة والعراق وسوريّا وشرق الأردنّ وفلسطين. سوف تعترف هذه الإمبراطوريّة بالنفوذ الإنجليزي دون سواه وهكذا تهيمن إنجلترا على البحر الأحمر من الشرق والغرب وعلى شاطئيّ الخليج الفارسي.


استمدّت هذه الحركة الداعية لجمع العرب إلهامها من خبير آثار وكولونيل في الجيش البريطاني يدعى لورانس. كان هذا الأخير إلى جانب الأمير فيصل ابن الملك حسين عندما دخلت قوّات الحلفاء الإنجليزيّة - الفرنسيّة - العربيّة إلى دمشق في الثاني من تشرين الثاني أكتوبر عام ١٩١٨ (١) بعد أن سحقت الجيش العثماني. 


لم يطل الأمر بهذا الإنجليزي المتميّز بنشاطه وحيويّته وحدّة ذكائه قبل أن يشرع في محاولةٍ تهدف إلى خرق الإتّفاق الفرنسي - البريطاني الذي أبرم في أيّار مايو عام ١٩١٦ والذي وضع سوريّا الداخليّة تحت وصاية فرنسا مانعاً بذلك ترجمة حلم الإمبراطوريّة العربيّة العظمى إلى حقيقةٍ واقعة. قام هذا الرجل العظيم الكفاءة - من بعض النواحي - بمناورات تكاد لا تصدّق ضدّ حليفة بلاده وأملى على صديقه فيصل سلوك هذا الأحير ضدّنا الذي ثابر عليه دون كللٍ ولا ملل إلى أن حسم الجنرال غورو الأمر عندما هزم الجيش العربي في ميسلون في الرابع والعشرين من تمّوز يوليو عام ١٩٢٠. 


رافق الكولونيل لورانس الأمير فيصل إلى پاريس في مطلع عام ١٩١٩ كي يعرض هذا الأخير طلباته على مؤتمر السلام. مثل فيصل في السادس من شباط فبراير أمام المؤتمر بصحبة الكولونيل الذي لعب دور ترجمانه وطالب أن تعطى الإدارة السياسيّة لأراضٍ عثمانيّةٍ سابقاً إلى أمّةٍ عظيمةٍ لم يحدّدها بالإسم. تقع هذه الأراضي جنوب خطّ يمتدّ من اسكندرون على البحر المتوسّط غرباً إلى جزيرة ابن عمر على دجلة شرقاً على أن يبقى لبنان تحت إدارةٍ فرنسيّةٍ مباشرة. 


سرعان ما انتشرت أخبار مساعي فيصل في الأوساط الپاريسيّة ممّا أثار حملةً إعلاميّةً قامت بها اللجنة السوريّة المركزيّة (٢) من مقرّها في العاصمة الفرنسيّة ضدّ ادّعاءات الشريف. أعلنت اللجنة بمنتهى الحميّة أنّ الشعب السوري ذي الحضارة العريقة يربأ أن يضع نفسه تحت إدارةٍ حجازيّة لا تزال تتّسم بالعادات الهمجيّة للبدو الرحّل. 


أحدثت مطالبات فيصل والاعتراضات التي أثارتها ضجّةً في الأوساط السياسيّة الفرنسيّة ودهشةً إزاء ما يحاك ضدّ حقوقنا (أي حقوق فرنسا) في سوريّا وبناءً عليه اتّخذ مؤتمر السلام قرار إرسال لجنة (٣) من الحلفاء إلى المشرق في آذار مارس ١٩١٩ بهدف الاستفسار عن الإجراءات التي يتعيّن اتّخاذها لإرضاء الأهالي.    

    




(١) لم تكن القوّات الفرنسيّة ضمن القطعات الحليفة التي دخلت دمشق في ذلك التاريخ. 

(٢) أعضاء هذه اللجنةشكري غانم (ماروني ورئيس اللجنة)، أنيس شحادة (روم أورثوذوكس)، جميل مردم يك (مسلم سنّي)، الدكتور جورج سمنة (روم كاثوليك)، جميل مكرزل (ماروني)، توفيق فارحي (يهودي). اللجنة بالطبع فرنسيّة الهوى. 

(٣) بعثة King & Crane المشهورة (مزيد عنها لاحقاً). 





Édouard Andréa. La Révolte druze et l'insurrection de Damas, 1925-1926. Payot, Paris 106 Boulevard St. Germain, 1937. 


No comments:

Post a Comment