Friday, June 23, 2023

عبد الغفّار باشا الأطرش

 


لم يتقبّل عبد الغفّار باشا - حفيد إسماعيل الأطرش من زوجه الأولى - اختيار ابن عمه سليم باشا حاكماً لجبل الدروز عوضاً عنه وتآمر لفترةٍ طويلةٍ ضدّ هذا الأخير. عنى وجود قوّة فرنسيّة عسكريّة في السويداء كَبْت نشاط عبد الغفّار العلني ولكنّه استمرّ في حملته الماكرة لتشويه سمعة سليم باشا سواءً انتقده في طريقة إدارته لشؤون الحكم أو في حياته الخاصّة. أخذ عبد الغفّار أيضاً على سليم ما اعتبره محاولة هذا الأخير جعل الإمارة حكراً على فرع العشيرة المتمكّن في عرى. 


وصل الهياج إلى الشعب ولبّدت الغيوم سماء الوضع الداخلي في الجبل. كان الجوّ مشحوناً عندما أعلن وفد المندوب السامي في دمشق الأمر بنزع سلاح الدروز. لم يتميّز هذا القرار بالحنكة من الناحية السياسيّة في رأينا علاوةً على كونه سابقاً لأوانه.


يُتَرجَم نزع سلاح شعب محارب غَدَاة إعلان استقلاله إلى إذلال هذا الشعب على أقلّ تقدير ناهيك إذا كان المعني بالإجراء الشعب الدرزي المجبول على الكبرياء والنزعة إلى التمرّد وهنا ليس لنا أن نتوقّع إلّا المتاعب. رأى إقطاعيّو الدروز في أمر الوفد الفرنسي تقييداً للحريّة السياسيّة التي أُعطِيَت لهم أمّا الشعب الذي لم يتخلّى عن أسلحته في تاريخه لأسياده القدامى فقد اعتبر القرار انتهاكاً لشرفه القومي. باختصار عمّ الإستياء الجميع ولم يكن أنصارُنا أقلّ امتعاضاً من أعدائنا ولام الجميع سليم الذي قبل إجراءً من هذا النوع. 


ناصر عبد الغفّار باشا القضيّة الشريفيّة (١) واستفاد من السخط الذي أثاره أمر نزع السلاح وتزايد طموحه معتقداً بإمكانيّة سيادته على الجبل إذا استطاع الحصول على حماية قوّةٍ غير فرنسا. 


هناك أيضاً سلطان ابن أخ عبد الغفّار (٢) وشريكه وأجير فيصل بن الحسين منذ فترةٍ طويلة. سلطان أقلّ دهاءً من عبد الغفّار ولكنّه يبزّ هذا الأخير نشاطاً وبسالةً في الحرب. أنعم ملك سوريّا السابق على سلطان بلقب فخري كجنرال في الجيش الشريفي وخصص له جعالةً شهريّةً من مائة ليرة تركيّة كي ينشر الدعاية العروبيّة الشاملة في الجبل.   


يتعيّن إذاً ألّا نعلّل أنفسنا بالأوهام: هناك فئة في الجبل تعمل ضدّنا وسنرى عمّا قريب كيف انتهز الشيخان المذكوران - أنشط آل الأطرش - كافّة الفرص التي سنحت لهما لإثارة أنصارهما ضدّ الانتداب الفرنسي وضدّ الحاكم سليم الذي حاول تطبيقه بنزاهةٍ تحت رقابتنا مستعيناً بنصائحنا. سنرى أيضاً كيف نظّم عبد الغفّار وسلطان عصاباتٍ لمهاجمة جنودنا وقتلهم حسبما سمحت الظروف. 


     





(١) الهاشمييّن. 

(٢) ليس تماماً. سلطان حفيد مصطفى إبن إسماعيل الأطرش أمّا عبد الغفّار فهو حفيد إسماعيل مباشرةً. بعبارة ثانية أبو عبد الغفّار وجدّ سلطان شقيقان. قد يفهم القارىء من كلام Andréa أنّ ذوقان (والد سلطان) أخ لعبد الغفّار وهذا غير صحيح. 









Édouard Andréa. La Révolte druze et l'insurrection de Damas, 1925-1926. Payot, Paris 106 Boulevard St. Germain, 1937. 

No comments:

Post a Comment