Thursday, June 15, 2023

محمّد علي والدروز

 


أتابع تعريب ما كتبه الجنرال Andréa عام ١٩٣٧ عن تاريخ الدروز:


احتاج والي مصر محمّد علي عام ١٨٣٠ (١) بعد أن اعترفت به القسطنطينيّة على سوريّا إلى جيش كي يحمل الدروز والموارنة في جبل لبنان على التزام جادّة الصواب وينهي الحرب (٢) المستعرة بين الجاليتين منذ ثلاثين عاماً بعد قرونٍ من التعايش في وئام. طالب المصريوّن جميع الأقاليم وكافّة الطوائف السوريّة بالمساهمة بعدد معيّن من الجنود بيد أنّ دروز الجبل رفضوا الانصياع لهذا الأمر ولاذوا باللجاة بعيداً عن منال وعقاب أسيادهم. 


غامر المصريّون بلا حرص ولا حذر بإرسال حملةٍ ضدّ الدروز في هذا الإقليم العسير على الغزاة كانت نتيجتها تعرّض جنودهم لتحرّش المحاربين الدروز من كمائنهم بين الصخور ومخابئهم في الكهوف بمنأى عن نظر وقبضة أعدائهم. تكبّد المصريوّن خسائر جسيمةً حملتهم على الانسحاب.


رفض محمّد علي مع ذلك الإقرار بالهزيمة وأرسل حملةً جديدةً عام ١٨٣٣ مع الفرق أنّ عسكره أحجموا هذه المرّة عن التغلغل في اللجاة واكتفوا عوضاً عن ذلك بحراسة منافذ المنطقة بهدف منع تموينها وتجويع المحاصرين وإرغامهم على الاستسلام. حاول المصريّون جهدهم بيد أنّ بعض الأفراد نجحوا رغم الحراسة المشدّدة بالتسلّل ليلاً خارج اللجاة ومنهم من أمّ لبنان لإخطار إخوتهم فيه عن معاناتهم في الجبل.


حاول الدروز التفاوض مع المصرييّن ولكن هؤلاء - رغم هزيمتهم قبل ثلاثة أعوام - اعتقدوا أنفسهم في موقع قوّة وطالبوا باستسلام الدروز الكامل بما فيه تسليم كافّة أسلحتهم. لم تكن هذه الشروط مقبولةً بالنسبة للمحاربين الجبلييّن وانقطع الحوار بين الطرفين. هبّ دروز لبنان إثر ذلك واستولوا دون قتال عمليّاً على قلعة راشيّا وحاصروا حاصبيّا. لم يستطع المصريّون شنّ حربٍ على جبهتين واضطرّوا للانسحاب من اللجاة وهكذا انتصر الدروز (٣).      


تجّدد هذا التكتيك الدرزي الذي يعتمد على تعاضد أبناء الطائفة أنّى كانوا ضدّنا عام ١٩٢٥ عندما انتفض دروز لبنان وحاصروا قلعة راشيّا حيث تمركزت مفرزتان من الفرسان بهدف إجبارنا على إخلاء جبل الدروز وإنهاء عمليّاتنا ضدّ إخوتهم فيه. يمثّل الجبل بالنسبة لجميع الدروز الحصن الحامي لدينهم. مع ذلك نجحت جهودنا في إحراز النصر على الجبهتين وقمع عصيان الدروز في لبنان كما أخمدناه في الجبل.    





يتبع. 


  





(١) خطأ. بدأت حملة محمّد علي في الشام عام ١٨٣١ وتواريخ المؤلّف عموماً لا تتميّز بالدقّة. 

(٢) قمع الأمير بشير الشهابي دروز لبنان للاستئثار بالسلطة بالدرجة الأولى وليس بالضرورة لدوافع طائفيّة. 

(٣) سرد خاطىء. تمرّد الدروز عام ١٨٣٨ ولكن إبراهيم باشا (إبن محمّد علي) نجح في هزيمتهم إلى أن تضافرت عدّة عوامل أهمّها التدخّل الأوروپي (الإنجليزي خصوصاً) لإنهاء الوجود المصري في الشام بعد سنتين.




مصدر الصورة 






Édouard Andréa. La Révolte druze et l'insurrection de Damas, 1925-1926. Payot, Paris 106 Boulevard St. Germain, 1937. 

No comments:

Post a Comment