Monday, June 19, 2023

زعامات الجبل الدرزيّة قبل مائة عام

 



الخريطة الملحقة (١) والمعلومات الآتية تعريب أمين عن الجنرال Andréa وعلّها لا تخلو من الأخطاء. أي تعليق أو تصحيح من أحبّتنا أهل الإقليم أو من هم على درايةٍ بتاريخه وعشائره على الرحب والسعة. أدين بتصحيح بعض الأخطاء الناتجة عن النقل من الحرف العربي إلى اللاتيني للصديق الغالي الأستاذ منيب أبو ترابه فله منّي جزيل الشكر والامتنان. 


الإقطاع لدى الدروز


يسود نظام إقطاعيّ في الجبل يحيا الدروز بموجبه في جاليات من الأسر التي تتفاوت أهميّتها والتي تفرّقها غالباً نزاعات مبنيّة على المصلحة. تطيع كلّ عائلةٍ شيخاً تتحكّم الظروف الآنيّة في تصرّفاته بيد أنّ جميع الدروز يتكاتفون ويتّحدون عندما تتعلّق القضيّة بشعبهم ككلّ وفي هذه الحالة يسود التضامن الكامل علاقاتهم من أكبر الشيوخ إلى أكثر القروييّن تواضعاً. 


آل الأطرش في الجبل أقدم العائلات وأغناها وأكثرها نفوذاً. صعد نجم هذه الأسرة عام ١٨٥٠ مع الشيخ اسماعيل الذي طرد آل حمدان وقد رأينا كيف فتح هؤلاء الجبل على حساب البدو الرحّل واستقلّت الجالية الدرزيّة على يديهم.   


استقرّ اسماعيل بعد انتصاره في عرى في قصر المهزومين وأنجب ثمانية أولاد من امرأتين: أربعة من الزوج الأولى وأربعة من الثانية. عيّن إسماعيل أنجاله زعماءً للقرى الهامّة واحتفظ بالقرب منه بأحد أولاد المرأة الثانية - الشيخ شبلي - كي يساعده في إدارة شؤون الجالية.  

  

(٢)


دامت الأمور على ما يرام طالما بقي إسماعيل على قيد الحياة ولكن أبنائه من الزوج الأولى طالبوا بعد وفاته بأن تكون لهم اليد العليا ولم يكن هذا مستساغاً من أبناء الزوج الثانية الذين شاركوا أباهم السلطة على حياته. كانت النتيجة - بعد أخذ وردّ لا نهاية لهما - أن نال أبناء الزوج الثانية مبتغاهم وإن استاء أبناء الزوج الأولى ولم ينسوا الغبن الذي لحقهم على مدى الأجيال. 


هزّت القلاقل الجبل لاحقاً ويمكن اعتبارها نتيجةً للنزاع - بعد موت إسماعيل - بين أولاده من الزواج الأوّل (السويداء) من جهة وإخوتهم من الزواج الثاني (عرى) من جهة ثانية. 


كان آل الأطرش سائدين في الجبل عندما أتى الفرنسيّون إلى سوريّا في أعقاب الحرب العالميّة الأولى وتزّعم أبناء الأسرة التجمّعات السكّانيّة الأكثر أهميّةً حيث ملكوا كإقطاعييّن أولي قوّةٍ وتسلّط. 


يأتي آل عامر في المرتبة الثانية بعد آل الأطرش وإن لم يملك زعيمهم طلال باشا من السلطة الشيء الكثير. كان طلال باشا شديد الانتهازيّة همّه - خلال تمرّد ١٩٢٦ - ألّا يغضب سلطان الأطرش ومنه انصياعه إلى بعض طلبات هذا الأخير في نفس الوقت الذي حافظ فيه على صلةٍ مع ضبّاط استخباراتنا عن طريق المراسلات التي أكّد فيها باستمرار صداقته لنا. 


هناك أيضاً عشيرتيّ حلبي وهنيدي في شمال الجبل وهما أقلّ أهميّةً من الناحية العدديّة من الأسرتين السابقتين ومع ذلك تمتّعتا بنفوذ يعتدّ به كونهما تحت قيادة رجال متعلّمين لديهم علاقاتٍ مع كبار موظّفيّ دمشق. ساء زعماء هاتين العائلتين حرمانهم من المراكز الرسميّة التي تليق بذكائهم وثقافتهم ونتج عن ذلك عنادهم خلال تمرّد ١٩٢٥-١٩٢٧ واستمرارهم في النضال إلى أن طرد البريطانيّون سلطان الأطرش وأعوانه من شرق الأردنّ. 


هناك أيضاً عشرة عائلات إضافيّة (٣) في الجبل أقلّ أهميّةً تتبع في سلوكها الأسر الكبرى وتحافظ في نفس الوقت على استقلالها في الخلافات الداخليّة. 


يفسّر هذا التنظيم الإقطاعي اصطفاف الدروز برمّتهم إلى جانب آل الأطرش عندما أطلق سلطان - بُعَيد احتكاكه مع ممثّلينا - نداءً إلى الشعب باسم الوطن والشرف الدرزي.







(١) استعملت وزارة الدفاع السوريّة - دون ذكر المصدر طبعاً - الخريطة الفرنسيّة مع بعض التعديلات منها إغفال تعيين بعض المواقع وتلوين الخريطة بالأخضر.  

(٢) شجرة العائلة من موقع التراث مدرسة البيادر

(٣) آل أبو فخر وعزّام ودرويش والقلعاني (في نمرة) وكيوان ونصّار وقنطار وصحناوي وسلام وشلغين.






Édouard Andréa. La Révolte druze et l'insurrection de Damas, 1925-1926. Payot, Paris 106 Boulevard St. Germain, 1937. 

No comments:

Post a Comment