Sunday, June 18, 2023

طبائع الدروز

 


أفرد الجنرال Andréa عدّة صفحات لخّص فيها ديانة الدروز ومعتقداتهم وعباداتهم لا أرى داعياً للدخول فيها نظراً لوجود مصادر وتفاصيل أفضل وأوفى بكثير في العصر المعلوماتي. أقتصر في الأسطر التالية على تعريب أمين لما كتبه عن طبائعهم آخذاً بعين الاعتبار أنّ منظور الكاتب عدائي. 


ينشأ الدرزي على الكذب (١) ولا يتورّع بالتالي عن السرقة أو حتّى القتل إذا تأكّد أنّ أحداً لن يراه أثناء اقترافه الجريمة. ضمير الدرزي مرتاح تماماً شرط عدم ضبطه متلبّساً!


لئن لم يحترم الدروز الاعتبارات الدينيّة والأخلاقيّة فهم مع ذلك يملكون صفاتٍ تحبّبهم إلى النفس من نواحٍ معيّنة.


الضيافة واجب مقدّس في إقليم الدروز ومن المثير للانتباه أنّ أبسط القروييّن لن يتردّد في استقبال ألدّ أعدائه في بيته إذا أتاه هذا الأخير وطلب منه غذاءً وملاذاً ويعتبر ربّ الأسرة أي محاولة لدخول بيته بغية إيقاف حتّى عتاة المجرمين إهانةً لشرفه ما بعدها إهانة (٢).   


يحترم الدروز المسنّين منهم ولا يجرؤ إنسان على مخاطبتهم بما يخلّ بهذا الاحترام.


وضع المرأة الدرزيّة أفضل من نظيرتها المسلمة (٣) إذ تشغل الأولى مكاناً مرموقاً في المنزل. الدرزيّة غير منقّبة وإن غطّت رأسها وشعرها بوشاح أبيض فضفاض ينسدل على ظهرها وترفعه مقابل وجهها عندما تصادف رجلاً.  


يولد الدرزيّ محارباً. رجال الدروز فرسان متمرّسين يتسلّح فردهم ببندقيّةٍ منذ صِغَره. يمتاز الدرزي بسداد مرماه وجَلَدَه الذي لا يعرف الكلل في مسيرته وخبرته في الاختباء بين الصخور وفي الأحراج واستغلال تضاريس الأرض أحسن استغلال لمفاجأة خصمه وتوجيه الضربة القاضية له.


شجاعة الدروز رائعة وجميعهم يتّسمون بها. يؤمن الدرزي بالتقمّص ومنه اعتقاده بالبعث تحت ظروفٍ أفضل إذا قضى في سبيل وطنه ومن هنا احتقاره للموت. طالما أُعجِبنا على الرغم عنّا عندما رأينا مقاتليّ الدروز يهاجمون رشّاشاتنا كما أمر المشايخ الذين يوجّهونهم في المعارك التي استعرت في الجبل عام ١٩٢٦.


الدروز شعب أبيّ، نشيط، شجاع، مضياف، كادح، متقشّف، قادر على الإخلاص إلى درجة التفاني ولكنّه مع الأسف (أو على الأقلّ زعمائه) ميّال إلى التآمر ممّا يدعو إلى درجةٍ معيّنةٍ من التحفّظ في العلاقات الرسميّة التي تقام معه.     


 

اللوحة الملحقة لرسم جداري fresque للحاكم بأمر الله من القرن الحادي عشر للميلاد وهي اليوم في متحف الفنّ الإسلامي في القاهرة. 



(١) لا ريب أنّ الإشارة هنا إلى التقيّة وهي بالطبع لا تقتصر على الدروز. 

(٢) قصّة سلطان الأطرش وأدهم خنجر دليلٌ ساطعٌ على حقيقة ما كتبه المؤلّف في هذا الصدد. لنا إليها عودة.

(٣) مصطلح "مسلم" يعني حصراً السنّة في عرف الكثير من المستشرقين حتّى مطلع القرن العشرين. الشيعة "متاولة" والعلويّون "نصيريّون" وهلمّجرّا.  








Édouard Andréa. La Révolte druze et l'insurrection de Damas, 1925-1926. Payot, Paris 106 Boulevard St. Germain, 1937. 

No comments:

Post a Comment