تقع اللوحة الثانية والعشرون في كنيس دورا أوروپوس على النسق الثالث في الجدار الشرقي إلى جوار الباب الرئيس وهي في رأينا تصوّر الإصحاح السادس والعشرين لسفر صموئيل الأوّل. حصلت الأحداث التي ترويها اللوحة عندما حنق شاول (أوّل ملوك إسرائيل) على داود وعزم على قتله.
نبدأ بتأمّل المشهد الأوّل من اللوحة (على يسار الناظر) الذي اعتقد Kraeling أنّ من يظهر فيه هو داود وعسكره:
وَكَانَ دَاوُدُ مُقِيمًا فِي الْبَرِّيَّةِ. فَلَمَّا رَأَى أَنَّ شَاوُلَ قَدْ جَاءَ وَرَاءَهُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ
أَرْسَلَ دَاوُدُ جَوَاسِيسَ وَعَلِمَ بِالْيَقِينِ أَنَّ شَاوُلَ قَدْ جَاءَ.
فَقَامَ دَاوُدُ وَجَاءَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ شَاوُلُ، وَنَظَرَ دَاوُدُ الْمَكَانَ الَّذِي اضْطَجَعَ فِيهِ شَاوُلُ وَأَبْنَيْرُ بْنُ نَيْرٍ رَئِيسُ جَيْشِهِ (الآيات ٣-٥).
إذا قبلنا هذا التفسير فالشخص الذي يمتطي الجواد الأبيض متّجهاُ إلى اليمين هو داود في زيّ ملكيّ فارسيّ (بالمقارنة بينه وبين ثياب أحشويروش وموردخاي في لوحة أستير (التي سيأتي دورها). هناك جعبة متدلّية من خلف السرج إلى الجانب ونلاحظ الشبه الكبير بين طقم الحصان ونظيره في صورة موردخاي. الفرق الرئيس أنّ الحصان في الحالة الأخيرة متوقّف مقارنةً بحصان لوحة اليوم الذي يهمّ الخطو. لربّما دلّ ذلك أنّ داود - الذي سيصبح بالنتيجة ملكاً - يتّجه نحو معسكر شاول الذي يبدو أمامه. رسم الحصان مثير للاهتمام كما جرت العادة في دورا.
ما نراه في الصورة والحال كذلك هو داود ورجاله الذين تردّد ذكرهم في سرد قصّة فراره (الإصحاح الثالث والعشرون الآية الرابعة والإصحاح الخامس والعشرون الآية العشرون والإصحاح السابع والعشرون الآية الثالثة والثامنة والإصحاح الثلاثون الآية الأولى وغيرها).
فَذَهَبَ دَاوُدُ مِنْ هُنَاكَ وَنَجَا إِلَى مَغَارَةِ عَدُلاَّمَ. فَلَمَّا سَمِعَ إِخْوَتُهُ وَجَمِيعُ بَيْتِ أَبِيهِ نَزَلُوا إِلَيْهِ إِلَى هُنَاكَ.
وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ كُلُّ رَجُل مُتَضَايِق، وَكُلُّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَكُلُّ رَجُل مُرِّ النَّفْسِ، فَكَانَ عَلَيْهِمْ رَئِيسًا. وَكَانَ مَعَهُ نَحْوُ أَرْبَعِ مِئَةِ رَجُل (الإصحاح الثاني والعشرون الآيتان الأولى والثانية).
سيزيد عدد رجال داود لاحقاً إلى ستّمائة (الإصحاح السابع والعشرون الآية الثانية والإصحاح الثلاثون الآية التاسعة). يبدو الرجال في اللوحة متحلّقون حول قائدهم ويرتدون مثله زيّاً فارسيّاً وإن دلّ القماش والشرائط والقامات الأصغر على تبعيّتهم له. حالة اللوحة سيّئة مع الأسف ولا تسمح بالجزم فيما إذا كان عدد الخيّالة سبعة أو أكثر. إذا قبلنا رقم سبعة فلربّما أشار إلى إخوة داود الذين سنراهم في لوحة صموئيل يمسح داود (رقم ٣٠).
يمكن قبول هذا الطرح بيد أنّنا نفسّر هذا المشهد بطريقةٍ مخالفة إذ الفارس في رأينا هو بالأحرى شاول وسط عسكره في روايةٍ مصوّرة للآيات الثانية والثالثة من الإصحاح السادس والعشرين:
فَقَامَ شَاوُلُ وَنَزَلَ إِلَى بَرِّيَّةِ زِيفٍ وَمَعَهُ ثَلاَثَةُ آلاَفِ رَجُل مُنْتَخَبِي إِسْرَائِيلَ لِكَيْ يُفَتِّشَ عَلَى دَاوُدَ فِي بَرِّيَّةِ زِيفٍ.
وَنَزَلَ شَاوُلُ فِي تَلِّ حَخِيلَةَ الَّذِي مُقَابِلَ الْقَفْرِ عَلَى الطَّرِيقِ.
الزيّ الملكي فعلاً يوائم شاول أكثر من داود في هذا الطور من حياة هذا الأخير والخيّالة أشبه بنخبةٍ من الفرسان منهم "برجال داود". أضف إلى هذا وذاك أنّه من الطبيعي أن ييمّم شاول شطر المعسكر الذي سيخيّم فيه في المشهد التالي في إطار تقصّيه داود.
هناك أخيراً الكلبان الأبيضان السلوقيّان اللذان يعدوان في مقدّمة الصورة. من المحتمل أنّهما يشيران إلى سوء حراسة المعسكر (إشعياء الإصحاح السادس والخمسون الآية العاشرة).
لهذه اللوحة خلفيّة حمراء.
يتبع.
Comte du Mesnil du Buisson. Les Peintures de la Synagogue de Doura-Europos, 245-246 après J.-C., Roma, Pontificio Istituto Biblico. Piazza della Pilotta, 35. 1939.
No comments:
Post a Comment