Monday, January 23, 2023

إيليّا وإحياء ابن الأرملة: الوصف

 


الأرملة على يسار الناظر مصوّرة جانبيّاً وهذا نادر في لوحات كنيس دورا أوروپوس حيث يسود التصوير الجباهي. تلتفت المرأة نحو النبي على وشك أن تناوله ابنها. الطفل عاري تتدلّى ذراعه اليسرى ورأسه. الطريقة التي صوّر فيها الفنّان هذه المرأة البدينة وطفلها مثيرة للفضول إذ نراها ترتدي وشاحاً وتنّورةً لونهما بنّي إلى بنفسجي وهي في نفس الوقت (على ما يبدو) عارية الصدر. من المحتمل أنّ كسوتها وتعريّة صدرها تشير إلى الحداد. هناك في رأينا ثلاثة حزوز أو جروح يكن تمييزها على الثدي الأيمن نعتقد أنّها أيضاً دلالة على حزن الثكلى رغم أنّ ممارسات من هذه النوع محرّمة في إسرائيل (تثنية الإصحاح الرابع عشر الآية الأولى ولاويين الإصحاح التاسع عشر الآية الثامنة والعشرون). رأينا ثياب الحداد في اللوحة الرابعة والعشرين وسنراها مجدّداً في اللوحة التاسعة والعشرين. 



يجلس إيليّا على السرير في منتصف اللوحة وساقه اليسرى مثنيّة تحت جسده. يستند السرير على قوائم تأخذ شكل الأسد الجاثم فوق قاعدة. الفراش مشغول من قماش جميل أخضر اللون تزيّنه زهرات زخرفيّة fleurons وشرائط سوداء وبنفسجيّة زاهية. هناك مقعد منخفض أو موطىء للقدمين تحت السرير كما جرت العادة. يرتدي إيليّا زيّاً يونانيّاً فضفاضاً أبيض اللون على غرار ثياب الأنبياء في الكنيس. تتخلّل شرائط بنفسجيّة زاهية هذا الرداء. يمسك النبي بين يديه الطفل الذي عاد إلى الحياة ونرى هذا الأخير باسطاً ذراعيه. يبدو إيليّا وكأنّه يعرض الطفل - المعجزة - على رؤوس الأشهاد. تتدلّى فوق إيليّا ستائر بيضاء تتخلّلها شرائط بنفسجيّة زاهية. نرى يد الله في الأعلى على يمين الناظر مبسوطةً كما هي العادة إشارةً إلى تدخّل الربّ ومخاطبته إيليّا. هناك أيضاً احتمال أنّ الفنّان أراد هنا التعبير عن الآية السادسة والأربعين من الإصحاح الثامن عشر لسفر الملوك الأوّل "وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ عَلَى إِيلِيَّا" مع التحفّظ أنّ هذا النصّ متعلّق بالنبي عقب انتصاره في الكرمل


تحمد الأرملة على أقصى يمين الناظر إيليّا على نعمته ونراها هنا مصوّرةً جباهيّاً تبسط يمناها باتّجاه النبي وتحمل طفلها بيسراها. تخلّت المرأة في هذا المشهد عن ثياب الحداد إذ نراها ترتدي ثوباً أبيض اللون ووشاحاً وتنّورةً باللون الأصفر وقد اكتسى طفلها زيّاً ورديّاً إلى البنفسجي الفاتح. من المؤكّد أنّ الهدف من هذه الاستحالة في الثياب هو المقارنة بين الحزن والفرح وعلى نفس المنوال نلاحظ الفرق بين هيئة المرأة التي يغلب عليها الوقار وبين المرأة التي مزّقها الألم وأضناها الشجن على الجانب الآخر من اللوحة. هذه الصورة للمرأة التي تضمّ طفلها وقد اعتراها الحبور بالغة الأهميّة في تاريخ الفنّ ويمكن اعتبارها نموذجاً لموضوع جديد هو العذراء والطفل الذي سيحتلّ مكانةً بارزةً لاحقاً. 





إيليّا وإحياء ابن الأرملة: تسلسل اللوحات والإطار الديني 





Comte du Mesnil du Buisson. Les Peintures de la Synagogue de Doura-Europos, 245-246 après J.-C., Roma, Pontificio Istituto Biblico. Piazza della Pilotta, 35.  1939.


No comments:

Post a Comment